محمد الشمسي*
يشكل الوداد ذكرى من ذكرياتي و جزء من شخصيتي وشاهدا على طفولتي وشبابي،عندما كنت أهجر الثانوية وأحرص على الانضمام إلى الجماهير في التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان اللاعب لاعبا والجمهور جمهورا والبطولة بطولة، لذلك لا أتحدث بلسان الحقود ولا الحسود، بقدر ما أتحدث بلسان العاشق والغيور على فريق لم تبق منه سوى الأطلال خلال هذا الموسم…
لا أدري كيف كنت متيقنا بأن الوداد سيحصد الهزيمة في عقر الدار ليلة السبت المنصرم، فالفريق بات مرتعا للأشباح من الرئيس إلى المدرب إلى اللاعبين، بل وحتى المدرجات ملأتها الأشباح في زمن كورونا، لذلك حجزت مقعدي في المقهى وأنا أسر في دواخلي”الله يخرج هاد الماتش على خير”، وثبتت الرؤية، فريق مفكك، خطة مضطربة، تموضع عشوائي، ضعف على مستوى كل الخطوط، الحمد لله لم تكن الهزيمة ثقيلة رغم أنها كانت مؤلمة.
بداية وجب التأكيد أنه لا يمكن أن يظل ذات الفريق بذات العناصر بطلا إلى الأبد، فالوداد لم تجدد دمائها وروحها وحافظت على نفس الطلاء والأسماء وبقيت تعيش في ثوب البطل، وهنا وجب سحب الرئيس سعيد الناصيري إلى قفص الاتهام بتهمة “تبديد أموال الوداد في انتداب لاعبين فاشلين لا يستحقون حتى شرف جمع الكرات “، فقد سمعنا أن الناصيري اشترى 11 لاعبا و16 لاعبا بالملايير، ولم نر واحدا منهم يحدث فارقا أو يحقق مع الفريق إنجازا، فجميع المهاجمين الأفارقة الذين استقدمهم الناصيري يثبتون أمام الكاميرات أنهم”عيانين”، وهذا يطرح سؤال من اختار؟ وبأي ثمن؟ وحقيقة الصفقة؟ ومن يراقب؟ومن يحاسب؟ و” شكون كيختار”؟ وبأي عين؟..
كما أن وداد المواهب والنجوم دخلت هذا الموسم في سن اليأس، ولم تعد ولاّدة، أو هكذا اختار لها أهلها، لاعبون منهم من هرم سنا وآخرون هرموا مستوى، وثالثون استغلوا انعدام البديل فضمنوا مكانهم في الفريق بلا منافسة فسمنوا و”غلاضو”، وباستثناء الحارس رضى التكناوتي والحداد والمترجي وأشرف داري وكومارا فإن الباقي يجب تسريحه و”بيليكي”، فلا مكان في الوداد للتصابي و”لعب الزنقة “واحتكار الكرة بلا فائدة، والجري في الملعب بلا طائل والأخطاء البدائية…
كما تعاني الوداد من غياب مدرب، فلا يمكن أن ينافس الوداد على البطولة و”شابيان سليك” بمدرب يقعد في المدرجات، ويوكل المهمة لمساعد مغمور وجد نفسه يدرب أقوى فريق في إفريقيا دون مقدمات ولا سابق إنجازات، ثم إن غاموندي “بروحو” هو نسخة محروقة و له سوابق في الفشل مع الكرة المغربية، فالرجل لا يجيد غير الخروج من المناسبات الكروية.
وأخيرا تحتاج الوداد لرئيس قوي يليق بالوداد تاريخا ومجدا، فسعيد الناصيري استنفذ قواه مع الوداد، جنا الوداد في ولايته أمجادا يذكرها التاريخ، لكن “طوبيس الناصيري” وصل الى “التيرمنيس” فليخرج من مقصورة القيادة معززا مشكورا، قبل أن يخرج منها صاغرا مذلولا فالحيطان جاهزة للعبارة المشهورة، وأسألوا “أكرم” يخبركم اليقين.
انهزمت الوداد في عقر الدار، ولا تملك العدة والعتاد لمقارعة الأهلي في أرض الفراعنة، قد تنتفض الأشباح لكن يبقى الشبح شبحا، فلا مفر من “فيدونج ودادي”، و كفى من “الديبخشي الكروي”، فقد حان وقت الرحيل.
*محامي بهيأة الدار البيضاء