نشر بشراكة مع DW عربية
بعد الكشف عن إجراءات إيطالية لإرسال طالبي لجوء من مكان إقامتهم إلى سفن الحجر الصحي قبالة السواحل الإيطالية، بعد ثبوت إصابتهم بكورونا، أعربت منظمة إيطالية عن مخاوفها الكبيرة من هذه التصرفات.
كشفت جمعية (ARCI (Associazione Ricreativa Culturale التي تعد من كبرى الجمعيات غير الربحية في إيطاليا عن مخاوفها من تصرفات الحكومة القاضية بفحص اللاجئين وإرسال المصابين منها إلى سفن قبالة الساحل الإيطالي، واصفة هذه التصرفات أنها سياسة جديدة تجاه المهاجرين واللاجئين الذين تثبت إصابتهم بالفيروس.
ومنذ أن شهدت إيطاليا إجراءات تقييدية للسكان بعد تفشي فيروس كورونا، تقوم الحكومة، بشكل روتيني بفرض الحجر الصحي على المهاجرين الواصلين حديثًا على متن العبارات الراسية قبالة الشاطئ في العديد من الموانئ في جنوب البلاد، ووفقا للجمعية ARCI فإن خمسة سفن هم قيد التشغيل حاليا.
في الأسبوع الماضي، تلقت الجمعية مقطع فيديو من طالب لجوء يقول إنه كان مقيمًا في مركز استقبال الطوارئ (CAS) في روما، حيث تم فحصه للتأكد من إصابته بالفيروس كورونا، وبالرغم من ادعاء اللاجئ الأفريقي أنه مقيم في إيطاليا منذ سنوات عدة، وأن النتيجة لم تظهر أنه مريض، فإن السلطات الإيطالية حولته إلى باليرمو حيث تم وضعه مع آخرين على متن سفينة قبالة الساحل، وأبحرت السفينة إلى ميناء باري، ولا يزال طالب اللجوء محجوزا هناك على متن السفينة.
فيليبو ميراغليا رئيس قسم الهجرة في ARCI، قال في حوار مع مهاجر نيوز إن إصابة الرجل بالفيروس تأكدت في وقت لاحق، ومن المتوقع أن يبقى على متن السفينة لمدة أسبوع آخر على الأقل.
ليست الواقعة الوحيدة
ويؤكد ميراغليا أن هذه الواقعة ليست الوحيدة التي تم تسجيلها، حيث استقبلت الجمعية العديد من الشكاوى الأخرى المماثلة لقصة اللاجئ الإفريقي، والتي كانت إحداها قصة عائلة نقل جميع أفرادها إلى سفينة للحجر الصحي ونشرت بعض الصحف المحلية في مدينة كالابريا عما حصل معهم، وكيف أن الشرطة تقوم بنقل المصابين من اللاجئين إلى سفن الحجر الصحي.
في الفيديو الواصل للمؤسسة من طالب اللجوء الإفريقي، يصور طالب اللجوء المنظر من نافذته على متن السفينة، بالإضافة إلى المقصورة التي يتشاركها مع شخص آخر مصاب أيضا. ويقول إن المشرفين “لم يغيروا فراشهم منذ 9 أيام”، مشيرا إلى كمامة ورقية لم يتم تغييرها منذ 9 أيام أيضا، بحسب قوله.
وتقول ARCI: إن طالبي اللجوء هؤلاء يُحتجزون في ظروف “غير ملائمة” وحرمانهم من حريتهم بشكل أساسي ، لأنهم لا يستطيعون مغادرة السفينة. ويقول طالب اللجوء في الفيديو المصور إنه أراد عبر هذا الفيديو توثيق ما يحدث لهم، كي تتمكن الصحافة ومؤسسات حقوق الإنسان من الاطلاع على ما يحدث، وتقديم يد المساعدة”.
ويقول الرجل: يقول إن السلطات حضرت في 26 سبتمبر/أيلول لفحص السكان لفيروس كورونا. ويوضح الرجل أن السلطات أخبرته لاحقا أن الفحوصات جاءت إيجابية. ثم نُقل من روما إلى باليرمو، ووصل إلى باليرمو “في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، حوالي الساعة الرابعة مساءً” ، كما يقول.
ويؤكد طالب اللجوء أنه “لم يُعطَ أي دواء” ولم يتمكن من الوصول إلى طبيب. ويقول إنه تم إغلاق جميع النوافذ في السفينة، أو لا يمكن فتحها. يطلب من كل من يشاهد الفيديو “نشره حتى يتمكن القادة الإيطاليون من رؤية ما يحدث والكفاح من أجل حقوق المهاجرين”. ينتهي الرجل بالقول إن وضعه “ليس جيدًا”.
الجمعية الإيطالية تساءلت عبر منشور على صفحتها على الفيس بوك عن سبب احتجاز هؤلاء اللاجئين في سفن وليس في منازل عادية أو مراكز مخصصة للحجر الصحي مثل المواطنين في إيطاليا؟ وإن كان اللاجئ المصاب هو أكثر خطورة من المواطن المصاب؟ مؤكدة في الوقت ذاته أن هذه التصرفات ترسخ في أذهان المواطنين أن “الأجانب هم خطر على أمننا”.
من روما إلى صقلية
يشير فيليبو ميراغليا إلى حالة أخرى مماثلة تتابعها الجمعية، حيث تم نقل لاجئين مصابين بكورونا من مركز للحجر الصحي في روما إلى إحدى السفن. ويقول بعد شفائهم تم إرسالهم إلى صقلية، حيث استقبلهم مركز استقبال للاجئين، ومن ثم حصلوا على تذاكر قطار إلى روما، لكنهم بعد أن وصلوا إلى روما، حاولوا الذهاب إلى مكان اقامتهم السابق في مركز الاستقبال إلا أنهم لم يحصلوا على موافقة. ويتابع لقد اضطر اللاجئون للبيات في الشارع لمدة يومين قبل أن يجدوا مكانا بالرغم من أن مراكز الاستقبال ليست مليئة بالناس إلا أن كورونا ساهم في نشر المخاوف من استقبال أشخاص جدد.
معاملة المصابين كالسجناء
ويقول ميراغليا: “لا ينبغي حبس أي شخص مثل السجين بسبب إصابته بالمرض، ويوضح ويتابع: “للحكومة الحق في تغريمك إذا خرقت الحجر الصحي، لكن لا يوجد في أي قانون ينص على حرمان الناس من حريتهم لفرض تدابير الصحة العامة”. ويخلص ميراغليا إلى أن طالبي اللجوء قد “حُرموا من حريتهم وحُرموا من حقهم في الاستقبال” ، وهو أمر “غير شرعي تمامًا”.
وكانت وزيرة الداخلية الإيطالية، لوسيانا لامورجيس، قد أوضحت أنهم مجبرون على اتخاذ هذه الإجراءات لأنه لا يوجد مكان آخر لإيواء هؤلاء الأشخاص في الحجر الصحي. بيد أن ميراغليا لا يوافقها الرأي، ويقول: هناك أماكن لكن بعض السكان لا يريدون اللاجئين في مناطق سكناهم، بحسب قوله.
ويصر رئيس قسم الهجرة في ARCI على أن الجمعية بحاجة إلى نقل معركتها إلى المحاكم، على الرغم من اعترافه بأن العملية ستستغرق “أشهر”. وهو ما قد يزيد من النظرة السلبية للاجئين من قبل المواطنين.