24 ساعة – متابعة
صدر حديثا للدكتور عبد اللطيف الشدادي عن دار السليكي أخوين للطباعة والنشر مؤلف جديد تحت عنوان: “حقوق المنتخبين أعضاء مجالس الجماعات الترابية دراسة مقارنة في ضوء القوانين والاجتهتدات القضائية الادارية المغربية و الفرنسية”.
وتناول الباحث بالدرس و التحليل هذه الحقوق وقسم عمله الى جزأين. إذ تطرق من خلال الجزء الأول للحقوق المرتبطة بوظيفة المداولات وتلك المرتبطة بالوظيفة الرقابية، في ضوء التجربة الفرنسية واستعرض النصوص القانونية المؤطرة لها خاصة قانون 6 فبراير 1992 المتعلق بالادارة الترابية للجمهورية الفرنسية وقانون 27 فبراير 2002 المتعلق بديمقراطية القرب، وكذلك مواكبة القاضي الإداري الفرنسي لهذه الحقوق عن طريق إقرارها و حمايتها وتطويرها.
و عمل الباحث على سرد مجموعة من الأحكام والقرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي وباقي المحاكم الإدارية الفرنسية. أما عن التجربة المغربية فيقول الأستاذ الشدادي انها لم ترقى بعد الى التجربة الفرنسية وأن القوانين المتعلقة بالمستويات الثلاث للجماعات الترابية جاءت فارغة من كل الإشارات لهذه الحقوق. حيث أشارت هذه القوانين أن الدولة ستضع خلال مدة انتداب مجالس الجماعات الترابية الموالية لنشر هذه القوانين التنظيمية في الجريدة الرسمية الآليات والأدوات اللازمة لمواكبة ومساندة الجماعات الترابية لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها و ممارسة الاختصاصات الموكولة إليها ولهذه الغاية ستقوم الدولة بما يلي:تحديد الآليات لتمكين المنتخبين من دعم قدراتهم التدبيرية عند بداية كل انتداب جديد. وضع أدوات تسمح للجماعات الترابية بتبني أنظمة التدبير العصري ولاسيما مؤشر التتبع الداخلي والخارجي المنتظم تمكين مجالس الجماعات الترابية من المعلومات والوثائق الضرورية للقيام بممارسة صلاحياتها وتحديد كيفية تطبيق كل هذا بنص تنظيمي لكنه لم يصدر لحد الآن. كما أشار الباحث الى عدم مواكبة القضاء الإداري المغربي لهذه الحقوق أسوة بالقضاء الفرنسي حيث أنه اضافة إلى الغموض التشريعي المتعلق بهذه الحقوق هناك غياب الحماية و المواكبة القضائية والمتمثلة في حماية الحقوق والحريات والدور المنشئ والخلاق للقاضي الإداري للقواعد القانونية.
أما الجزء الثاني من هذا المؤلف فتطرق فيه الباحث الى حماية هذه الحقوق وربط مسألة الحماية بمصادر هذه الحقوق واعتبرها بمثابة حقوق جماعية وإن حمايتها تقتضي الإعتراف بسلطة ذاتية لتنظيم المجالس. إذ أن هذه المجالس أصبحت وبمقتضى مبدأ التدبير الحر تمارس سلطة التنظيم الذاتي وتتكلف بإعداد أنظمتها وخاصة أنظمتها الداخلية إذ أن اختصاص هذه المجالس في تحديد حقوق المنتخبين عن طريق إعداد أنظمتها الداخلية يكون أكثر حماية لها من الجهاز التنفيذي أي الرئيس والمكتب المسير إذا ما كان هو المختص بشكل منفرد.
وتطرق الكاتب بعد ذلك في الباب الثاني من هذا الجزء إلى دور القاضي الاداري في حماية هذه الحقوق. حيث أن القاضي الاداري يجب ان يأخذ بعين الإعتبار خصوصية هذه الحقوق وخاصة السياق الذي تمارس فيه.كما اعتبر الباحث أن رقابة القاضي الاداري للأنظمة الداخلية لمجالس الجماعات الترابية يمكن مقارتنها مع رقابة القاضي الدستوري التي يمارسها حينما يراقب أنظمة المجالس البرلمانية حيث يمارس رقابة التوافق والتطابق على الأنظمة البرلمانية مع الدستور كذلك رقابة القاضي الاداري على أنظمة مجالس الجماعات الترابية يجب أن تتطور بين التوافق والتطابق وفق توسع وامتداد سلطة التنظيم الذاتي لمدة المجالس. وفي الخلاصة أشار الباحث ان دراسة حقوق المنتخبين أعضاء مجالس الجماعات الترابية يندرج في إطار التأملات الحالية حول نظام اللامركزية ببلادنا وأن الاعتراف بهذه الحقوق قد يساهم في ظهور لامركزية متقدمة قد يغلب عليها الطابع السياسي والتنموي أكثر من الطابع الإداري الشيء الذي ينسجم مع دستور 2011 ويجسد البعد السياسي لمجالس الجماعات الترابية دون التشكيك في خصائصها الإدارية.