يتداول كثيرا هذه الأيام، الرأي العام الإسباني وكذا مختلف وسائل الإعلام الدولية المهتمة، “السلاح” الدستوري المادة 155 من الدستور الإسباني التي في كل مرة يلوح بها ماريانو راخوي رئيس الحكومة الإسبانية إثر اندلاع أزمة كاتالونيا ترى ما مضمون هذه المادة وما تأثيرها على الوضع بكاتلونيا ؟
وحسب روبورتاج نشرته “فر انس 24” فقد لوح رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي مرارا بتفعيل المادة 155 من الدستور الإسباني ما سيكون سابقة في تاريخ البلاد. وتجيز هذه المادة التي يعتبرها البعض “خطيرة” تسلم سلطات مدريد إدارة المؤسسات في أي إقليم أو منطقة تمر بأزمة.
ويحبس الإسبان أنفاسهم لمتابعة الخطاب الذي سيلقيه مساء الثلاثاء رئيس إقليم كاتالونيا الانفصالي كارلس بيغديمونت ، أمام البرلمان بخصوص الاستفتاء الذي جرى في فاتح أكتوبر الجاري، والذي من المتوقع أن يتم خلاله إعلان أحادي للاستقلال في كاتالونيا.
وأكدت الحكومة المركزية في مدريد مرارا التبعات الخطيرة لهذه الخطوة، كما لمح رئيس الحكومة ماريانو راخوي، إلى تفعيل المادة 155 من الدستور إذا حدث ذلك.
على ماذا تنص هذه المادة وما تخول للسلطات الإسبانية القيام به؟
ما هي أحكام الدستور؟
إسبانيا تعتمد نظاما لا مركزيا واسعا إذ يمنح الدستور الذي أقر في العام 1977 الأقاليم الـ17 في البلاد والمعروفة بـ”المناطق المستقلة” سلطات واسعة في مجالات كالصحة والتعليم.
لكنه ينص على ضمانات تتيح للحكومة المركزية التدخل مباشرة في شؤون إحدى هذه المناطق عند مرورها بأزمة.
في إطار أزمة كاتالونيا وهي الأخطر منذ عودة البلاد إلى النظام الديمقراطي، اعتبرت المحكمة الدستورية أن “استفتاء تقرير المصير” الذي نظم في الأول من أكتوبر مخالف للدستور.
يؤكد الانفصاليون أنهم فازوا مع تأييد 90,18% من الأصوات وبإمكانهم بالتالي إصدار “إعلان أحادي للاستقلال”.
في هذه الحالة، يمكن أن تلجأ الحكومة إلى المادة 155 من الدستور.
يتيح هذا البند الذي لم يتم تفعليه من قبل “اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمل (المنطقة المعنية) على احترام الالتزامات” التي يفرضها الدستور أو غيرها من القوانين “مع موافقة بالغالبية المطلقة لمجلس الشيوخ”.
ما هي “الإجراءات اللازمة”؟
لا يفصّل الدستور ماهية “الإجراءات اللازمة” ما يحيط تطبيقه بالغموض. في ما يلي ما يقوله خبراء الدستور.
تقول تيريزا فريخيس من جامعة برشلونة لوكالة فرانس برس إن المادة 155 تتيح “تسلم إدارة الهيئات السياسية والإدارية للمنطقة المتمردة ذات الحكم الذاتي”.
وينجم عن ذلك “تعليق” مؤقت للاستقلال الذاتي للمنطقة، بحسب خوسيه كارلوس كانو مونتيخانو من جامعة مدريد.
كما يمكن في هذه الحالة استبدال أو إقالة موظفين حكوميين ونواب. وعليه سيكون من الممكن استبدال رئيس كاتالونيا الانفصالي كارلس بيغديمونت بممثل الحكومة الإسبانية في الإقليم.
في الوقت نفسه، يمكن أن تتولى الحكومة المركزية مهاما موكلة إلى برشلونة “مثل النظام العام والخدمات العامة”.
يقول خافيير بيريز رويو من جامعة إشبيلية إن الإجراءات يمكن أن تشمل “تعليق الحكومة (الانفصالية الإقليمية) ونقل عناصر الشرطة الكاتالونية (موسوس ديسكوادرا) إلى إشراف وزارة الداخلية” وحتى “إغلاق البرلمان المحلي”.
ويشير كانو مونتيخانو إلى “إمكان” تنظيم انتخابات محلية بعدها.
إلا أن بعض سكان كاتالونيا قد لا يقبلون بمثل هذه السيطرة ما يمكن أن يؤدي إلى تدهور الوضع.
كيف يتم تفعيل المادة 155؟
لا يحق لرئيس الحكومة الإسبانية أن يفعل المادة 155 من الدستور من جانب واحد.
وعليه قبلها إصدار الأمر لرئيس الإقليم المعني بالعودة إلى النظام الدستوري وإعطائه مهلة للقيام بذلك.
في حال الفشل، يعقد راخوي جلسة لمجلس الشيوخ حيث يحظى حزبه الشعبي المحافظ بالغالبية لابلاغه بـ”إجراءات لازمة” يعتزم تطبيقها.
في المبدأ، تنعقد لجنة لمجلس الشيوخ ثم للمجلس بحضور كامل الأعضاء. وإذا أقروا مقترحات رئيس الحكومة بالغالبية المطلقة، ستصبح لديه الحرية لتطبيقها.
لكن العملية يمكن أن تستغرق وقتا “حتى مع اختصار الإجراء يمكن أن يتطلب الأمر أسبوعا”، بحسب سناتور لفرانس برس و”بين ثمانية إلى عشرة أيام”، بحسب بيريز رويو.
وسائل أخرى؟
علاوة على المادة 155، لدى الحكومة الإسبانية وسائل عدة. فهي تستطيع إعلان “حالة الطوارئ” أو “حالة الوضع الاستثنائي” أو حتى “حالة حصار”.
وذكر كانو مونتيخانو بأن إعلان هذه الحالات الثلاث يمكن أن يؤثر على “حرية التنقل أو حرية الاجتماع” للسكان.
كما يجيز قانون “الأمن القومي” الذي أقر في العام 2015 للحكومة أن تعلن البلاد “في وضع يواجه فيه الأمن القومي تهديدا”.
يقول راخوي إن هذا الإجراء مخصص للحالات التي تقع بين “الأزمات العادية وحالة الطوارئ والوضع الاستثنائي وحالة الحصار”، ويتيح إصدار القوانين عبر المراسيم وأيضا السيطرة بشكل مباشر على الشرطة الكاتالونية.
لكن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تزيد من تصعيد التوتر بشكل خطير.