عبد الرحيم زياد – بوجدور
قطعا ستظل سنة 2020 التي نستعد لتوديعها بعد أيام قليلة، ستظل سنة مفصلية وهامة بالنسبة للمغرب في مسار قضيته الأولى، قضية الصحراء المغربية، بحيث أنها كانت سنة حافلة بالإنجازات الكبيرة، سجلت فيها المملكة المغربية، الكثير من النقط على كافة الأصعدة و المستويات، خاصة على الصعيد الديبلوماسي، بفضل النظرة الثاقبة للملك محمد السادس، وتدبيره المتميز بالحكمة والتبصر لهذا المسار، الذي يبدو أنه ينتقل من مرحلة التدبير إلى مرحلة الحسم النهائي وبالتالي الطي بصفة نهائية.
هذا الزخم الكبير الذي حققه المغرب على المستوى الدبلوماسي خلال سنة 2020 والذي توج بإعلان الولايات المتحدة الأمريكية إعترفها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وقرارها بفتح قنصلية عامة لها بمدينة الداخلة، وتأكيدها أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والمنطقي لطي الملف سياسيا، لينتقل الموقف الأمريكي من مجرد إعلان موقف، إلى بداية تثبيت مغربية الصحراء وتأكيد سيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية من قبل قوة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن لها وزنها الثقيل على صعيد العلاقات الدولية، كما أن هذا القرار التاريخي يشكل مقدمة لعمل كبير بين البلدين ينتظر إن تكون منطقة الصحراء المغربية مسرحا له، حيث ستشهد مجموعة من الاستثمارات الكبيرة في عدد من المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية، وهو الأمر الذي سيدفع بلدان أخرى وازنة إلى حذو حذو الولايات المتحدة في المستقبل القريب.
كما تميزت السنة التي نودعها، بنجاحات أخرى للدبلوماسية المغربية، وما توالي إقدام عدد من الدول من مختلف القارات، بما فيها الافريقية والعربية مثل الامارات العربية المتحدة، والبحرين و الأردن على افتتاح قنصلياتها بكبرى حواضر الصحراء المغربية، يؤكد على أن هذه البلدان ربطت الأقوال بالأفعال، وخرجت من منطق دعم قضية الصحراء المغربية بلغة الخطابات، الى إعطاء أثر واقعي لذلك على الميدان، والنتيجة هي أن عدد البعثات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية وصل اليوم إلى 20 قنصلية بين العيون والداخلة في ظرف سنة تقريباً.
حصاد الدبلوماسية المغربية سنة 2020، تعزز باعتماد القوى الدولية الكبرى لمواقف بناءة، ومنها إبرام شراكات استراتيجية واقتصادية، تشمل دون تحفظ أو استثناء، الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وهكذا وعلى سبيل المثال لا الحصر، تجديد اتفاقية التعاون في مجال الصيد البحري الموقعة مع دولة روسيا ، التي تمتد لأربع سنوات، والتي تتيح لأسطول مكون من عشر سفن روسية صيد الأسماك السطحية الصغيرة في المياه المغربية بما فيها مياه الاقاليم الجنوبية.
ومن خلال مواقفها المبنية على مبادئ ومبادرات مقدامة، وقفت الديبلوماسية المغربية، خلال سنة 2020 حصنا منيعا ضد أية محاولة للمساس بالقضية الوطنية ، ولعل القرار الأممي الأخير المتعلق بتمديد ولاية بعثة المينورسو لسنة أخرى خير مثال على ذلك، فضلا عن تتويج التحرك الحاسم للدبلوماسية المغربية تحت قيادة جلالة الملك، والصفعة الجديدة التي تلقتها الجزائر وعميلتها البوليساريو، من خلال التدخل الحكيم والاحترافي الذي قامت به القوات المسلحة الملكية المغربية في منطقة الكركرات، فقد أعطت إشارة قوية، تجسد اعتراف المجتمع الدولي بجهود وحسن نية المغرب في مسيرته الحازمة للتوصل إلى حل والتزامه الصادق بالمفاوضات تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
أمام هذه الإنجازات النوعية، يتأكد نجاح المغرب في مساره الديبلوماسي، وفي بناء نموذج تنموي صلب قاعدته الصحراء المغربية وأفقه كاملُ الساحل الأفريقي، بغرض بناء فضاءٍ اقتصادي دولي متين.