محمد الشمسي
أنهت “لجنة المُغرِّقين” التي أغرقت شوارع و شركات وبيوت و أحياء الدار البيضاء اجتماعها كما بدأته، وجوه عليها غبرة ترهقها قترة، أولئك بحقوق المواطن هم كفرة فجرة، تفرقوا كأنهم لم يجتمعوا، لأنهم اجتمعوا فقط من “باب الصواب وخلاص”، إنهم يُغرقون الغريق ويضحكون على غرقه، لم يجتمعوا ليحددوا المسؤول عن الكارثة، ولا ليغضب بعضهم ضد بعض جراء كل تقصير وما أكثره، بل اجتمعوا ليستهلكوا الكلام و”يفرقوا اللغا”، ويتحدثون بلغة “تمت دراسة المشاريع المنجزة والمستقبلية”، ولغة” تعبئة جميع الموارد والوسائل لهذه الغاية”.
وفي المحصلة هناك فقط حصيلة من الأصفار في كل شيء، فقد كانت الممتلكات والبيوت غارقة فإذا بهم يفاجئون ببيوت تنهار، العمارة تلو الأخرى، انهار كل شيء ولو أنهم لم يبنوا شيئا أصلا حتى ينهار، فقد انهار المنهار وغرق الغارق.
بالنسبة لشركة ليديك التي جاءت من فرنسا لتسرح قوادس المغاربة وكأننا عدمنا من يعرف كيف يسرح لنا قوادسنا، أو كأن الخير فاض علينا حتى استأجرنا من يعبد الطريق لفضلاتنا وبولنا من المرحاض الى البحر، حضرت تلك الشركة للاجتماع تحمل كتابها بيمينها، ونحن نعرف من أوتي كتابه بيمينه، كتابها هو رسم زواجها بمجلس المدنية، زواج متعة تتمتع بموجبه الشركة المذكورة بخيرات البيضاويين خارج نطاق المحاسبة، وتعتبره صداقها، و”اللي دوا يرعف” من معشر المسؤولين الذين يخشون ليديك كما يخشى الفلاليس من الطيور الكاسرة، حضرت ليديك ليس لتعتذر عن أي تفريط أو إهمال بل حضرت لتطالب بمزيد من المال، وتعري واقع الحال أن دورها هو تنقية وتشطيب القوادس، أما حجم تلك القوادس، وقدرتها على استيعاب أطنان المياه، ودرجة ميلانها نحو المصب فذلك أمر لا يعنيها، واسألوا الأطقم التقنية والهندسية بمختلف المؤسسات، من يرخص بتجهيز البقع؟، ومن يوقع؟ وبكم؟ وبأية معايير؟…وحضر المنتخبون ولسان حالهم يقول للبيضاويين ” خلاص زدتو فيه تا نتوما…آش فيها لفاض عليكم الواد الحار أو دخل ليكم الما من الباب أو غرقات طونوبيلاتكم أو ديوركم أو شركاتكم كاع..راه الشتاء كتخلي عا الخير وراها….عيقتو …مابقا صبر؟…”
لم يعقد العمدة مول الدار البيضاء مع مول ليديك، وثالثتهم السلطات المعنية أي ندوة صحافية، ليقولوا للبيضاويين ولو “عا بالزعط”، لم يوضحوا كيف أخرجت القوادس أثقالها، وكيف لم يهتم العمدة لحالها ولم يقل مالها، ولِمَا لم تحدث ليديك أخبارها، اجتمعوا في فضاء فسيح مريح متكئين على أرائك لا يرون فيها مطرا ولا غرقا.
تفرق أعضاء “لجنة الغَرَاق المُبين” كما اجتمعوا، فلا قرار ولا حساب ولا عقاب، لأنهم هم المذنبون الآثمون، تفرقوا ولسان حال الغرقى من البيضاويين يدعو عليهم بالقول “الله يغرق ليكم الشقف”، ثم يستجمع أنفاسا حارقة في جوفه ويرسل حِممها ” التفو على سلعة”…