محمد الشمسي*
كنا قريبين جدا من الحصول على كمية من لقاح استرازينكا البريطاني لو أن “الطيارة طارت” نحو دولة الهند يوم 16 يناير المنصرم، هكذا غرد أحد الأطباء الذين يعانون من تضخم في التفاؤل، وزاد صاحبنا أن سوء برمجة رحلة “الطيارة” كان سببا في عدم حصول ذلك، فذكرنا المتحدث بأغنية ” مالي أنا الطيارة دارتها بينا”، وكأن الطائرة لا تطير إلا في 16 يناير، أو كأن العام كله عبارة عن يوم واحد هو 16 يناير، وطمأن الطبيب المغاربة بقوله “عا نعسو على جنب الراحة، راكم ملقحين ملقحين”، ولو أن مصطلح “ملقحين” له دلالات عديدة لا ندري مقصد المتحدث منها، وخرج آخر علينا بالسبورة والطباشير ليشرح للغاربة ما معناه “مشيتو فيها، لكان عا لقاح الصين.. والله ماغادين تلقحو”…
هي شظايا من واقع مؤلم مضحك مبكٍ، حكومتنا التي أوكلناها مهمة صون سلامتنا وسلمناها رقابنا وجيوبنا فشلت في دخول سوق اللقاح، وشراء لقاح ،وأداء الثمن، ثم الخروج من السوق صوب الوطن محملة بالبضاعة و”سالا الفيلم”، لكن الحكومة دخلت للسوق الخطأ واشترت السلعة الوهمية وهاهي تنتظر تحول الوهم إلى حقيقة ، شأنها شأن من احتال عليه “السمايرية” وسلبوه رزقه وتركوا فمه مفتوحا حيت يدخل الذباب ويخرج من جوفه ببلاهة، حكومتنا انقرضت، فهل نحن بلا حكومة؟…
فاللقاح الصيني مجهول النسب والعواقب، وهو أقرب إلى تدمير الجسم منه إلى تقوية المناعة، وثمة تخوفات من تلقيح الناس به، ولهذا السبب ينسل مسئولو المختبر الصيني الواحد خلف الآخر…
واللقاح البريطاني لن يكون من نصيبنا على الأقل في غضون الأشهر القادمة، فهناك دول أوروبية لها حق الأسبقية، وتجمعها ببريطانيا أواصر الدم والتاريخ والجغرافية، ثم لأن الأنجليز يقولون لنا ” اللي بغا يصاحب الكراب يصاحبو في البرد”، بمعنى أننا راهنا على الصينيين وبالغنا في رهاننا، وهِمْنا خلف صنارة الشينوا حتى انغرست لنا في “جدّارة لودن”، وتركنا مختبرات أوروبا وأمريكا، وخسرنا حين طلع لقاح الصين ” فالسو”، وبقينا عراة في الخيام و”لقياطن ولخزاين” التي بنيناها قبل أن نحصل على اللقاح.
في مثل هذه الظروف على رئيس الحكومة أن تكون له حُظوة ومنزلة ومعارف لدى الفاعلين في سوق اللقاح، لكن رئيس حكومتنا “زغبي كعبي” ليس له جاه ولا سلطان، وهو في ساعة الجد يختفي وفي ساعة الوباء يقهقه، ومن أمجاده أنه فرض ساعة فأربك حياة الناس حتى باتوا يلتحقون بعملهم قبل صلاة الفجر، لذلك “مشينا فيها مع العثماني…لا لقاح صيني ولا لقاح بريطاني”…
*محامي بهيأة الدار البيضاء