أسامة بلفقير – الرباط
ربما لن نجد أفضل توصيف لحزب العدالة والتنمية غير “الحرباء السياسي”. فهذا المكون الحزب، الذي عرف تطورا في مساره السياسي قاد مكوناته من معارضة الدولة خارج المؤسسات، إلى المعارضة المؤسساتية (برلمان)، وبعد ذلك دخل لعبة التدبير العمومي من داخل الحكومة، يواجه اليوم امتحانا صعبا في التوفيق بين واقع التسيير العمومي، والتشبث بالمواقف والمبادئ.
ما وقع في المجلس الوطني للحزب، نهاية الأسبوع، يحمل أكثر من دلالة على هذا المخاض الذي يعيشه الحزب. فلا هو استطاع أن يتحمل مسؤولية التدبير الشأن العمومي كاملة، بما في ذلك المسؤولية السياسية في اتخاذ القرارات، ولا هو نجح في الحفاظ على ما يسميه مواقف “مبدئية” تجاه بعض القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
نحن اليوم أمام حزب من طينة “رجل في الحكومة ورجل في المعارضة”، أو كما قال البعض بأن حزب يمارس الحكومة طيلة أيام الأسبوع، قبل أن ينتقل إلى المعارضة في نهايته. استراتيجية قد لا يتقنها كثير من الفاعلين السياسيين، لكنها ظلت لصيقة بحزب العدالة والتنمية منذ دخوله إلى الحكومة.
ستتذكرون بكل تأكيد مواقف قيادات في العدالة والتنمية وهي تهاجم الدولة ثارة، وتلبس جلباب المظلومية تارة أخرى، في وقت كانت قيادات أخرى تشتغل من داخل الدولة، وتتقلد مناصب حكومية يفتر ض أنها يد الدولة في ممارسة الفعل العمومي.
اليوم أمام وضع شاذ. فرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي هو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وقع بصفته ثاني مسؤول في هرم الدولة على اتفاق مشترك مع الجانب الإسرائيلي. توقيع جاء بمحض إٍرادته السياسية، والتزاما بمسؤولية الموقع الذي يشغله اليوم.
لكننا في نهاية الأسبوع وقفنا على موقف عجيب غريب. الحزب الذي وقع أمينه العام “اتفاق عودة العلاقات” مع الجانب الإسرائيلي، هو نفسه الذي خرج إلى الرأي العام ببيان يحذر من خلال من المخاطر التطبيع..إنها قمة “الحربائية” والانتهازية السياسية. فبدل أن يعلن الحزب دعمه الكامل واللامشروط لاتفاق التطبيع الذي وقعه زعيمه، هاهو يخرج إلينا اليوم ببلاغ يتناقض مع كل شيء..يتناقض مع موقعه في الدولة..ويتناقض مع مصداقية الخطاب والممارسة السياسية.