نشر بشراكة مع DW العربية
لم يسفر اجتماع أزمة آخر، بين شركة تصنيع اللقاحات البريطانية السويدية “أسترازينيكا” والاتحاد الأوروبي، عن أي تقارب كبير مساء أمس الأربعاء، إلا أن المحادثة بين الجانبين وصفت بـ”البناءة”، حسب ما صرح به مشاركون في الاجتماع من بروكسيل.
وتصاعدت حدة الاختلاف بين الطرفين، لأن باسكال سوريوت الرئيس التنفيذي لشركة “أسترازينيكا” لم يرغب في إعطاء أي التزامات محددة، فيما يواصل الاتحاد الأوروبي إصراره على إمداده بالكميات المتفق عليها من اللقاح، حتى لو أدى ذلك إلى تصدير كميات أقل من اللقاح إلى بريطانيا أو عملاء آخرين.
وقبيل الاجتماع بين الطرفين، رفض الاتحاد الأوروبي بسخط كبير تأكيدات شركة “أسترازينيكا” بخصوص الحالة التعاقدية والتأخير في الإنتاج. وبدت المفوضة الأوروبية للشؤون الصحية ستيلا كيرياكيدس غاضبة، عند توجهها للحديث مع الصحافة ظهر أمس الأربعاء. وقالت كيرياكيدس إن على أسترازينيكا أن تقوم بعملية التسليم. وأضافت: “الشركة لديها التزام أخلاقي واجتماعي وتعاقدي”. وأردفت أن الأجوبة السابقة للشركة “ليست صحيحة وغير مقبولة”.
وقال باسكال سوريوت الرئيس التنفيذي لشركة “أسترازينيكا”، في مقابلة مع عدة صحف أوروبية، إنه لم يتم تحديد الكميات أو الجدول الزمني في عقد تسليم جرعات اللقاح المضاد لفيروس كورونا. وكان الاتفاق بين الشركة والاتحاد الأوروبي قد وقع بعد ثلاثة أشهر من العقد المُوقع مع بريطانيا (وقعت أسترازينيكا عقدا مع بريطانيا في يونيو 2020). ولهذا السبب، تمر عمليات تسليم اللقاح إلى العضو السابق في الاتحاد الأوروبي (بريطانيا) بشكل أكثر سلاسة مقارنة مع الإنتاج المخصص للاتحاد الأوروبي.
لكن المفوضة الأوروبية للشؤون الصحية ستيلا كيرياكيدس نفت صحة ذلك قائلة بأنه ” لا توجد بنود تنص على أسبقية لدولة…”، مشيرة إلى أنه بموجب شروط العقد مع الاتحاد الأوروبي على شركة “أسترازينكا” استخدام أربعة مصانع لضمان إنتاجها اثنان في بريطانيا واثنان في الاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى، اعترف مسؤولون من الاتحاد الأوروبي بأنه من الشائع جداً عند تطوير منتجات جديدة عدم كتابة كميات وتواريخ تسليم محددة في العقد.
“نريد اللقاح وليس النزاع“
وفي مقابلة صحفية ذكر باسكال سوريوت إن شركته “أسترازينيكا” التزمت حسب العقد فقط بالإنتاج بأفضل ما يمكنها القيام به. ويبدو أنه لن تكون هناك أي غرامة تعاقدية على شركة أسترازينيكا لعدم تسليمها اللقاحات، نظرا لأن مفوضية الاتحاد الأوروبي لم تكشف بعد عن كل تفاصيل العقد الموقع مع أسترازينيكا، وما تم الاتفاق على بالضبط عندما كان اللقاح ما يزال في قيد التطوير.
وتعرضت هذه السرية المحيطة بتوقيع العقد إلى انتقادات شديدة، لاسيما من طرف البرلمانيين الأوروبيين. وأكدت مسؤولة كبيرة في الاتحاد الأوروبي أن هناك بالتأكيد إمكانية لاستعادة الأموال التي حصلت عليها شركة أسترازينيكا. وكان الاتحاد الأوروبي قد مول مسبقا شركة أسترازينيكا بمبلغ 336 مليون يورو من أجل إنتاج اللقاح.
وقالت نفس المسؤولة في الاتحاد الأوروبي “لسنا مهتمين بأي نزاع مع شركة أسترازينيكا، نرغب في الحصول على اللقاح والتوصل إلى حل مع الشركة”. وأضافت أن الدخول في نزاع قضائي معها قد يستغرق عامين و”يكون حينها الوباء انتهى ولم نحصل بعد على لقاح”. يشار إلى أن لقاح أسترازينيكا يتوقع حصوله يوم الجمعة (29 يناير/كانون الثاني)على الضوء الأخضر لاستعماله في الاتحاد الأوروبي.
وأوضح ممثلون بارزون من وكالة الأدوية الأوروبية أن الخلاف الحالي حول تأخر تسليم اللقاح ليس له أي تأثير على عملية الموافقة لاستخدامه. واعترفت مفوضية الاتحاد الأوروبي بأنه كانت هناك شكوك حول خطط إنتاج لقاح أسترازينيكا منذ بداية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما قالت مسؤولة أوروبية إن الأمور لم تسر على النحو الأمثل.
هل حصلت بريطانيا على الأفضلية؟
وتهدد مفوضية الاتحاد الأوروبي الآن بشكل غير مباشر بوضع ضوابط لتصدير اللقاحات من خلال ما يطلق عليه بـ”سجل الشفافية”، حيث يجب على شركات الأدوية تسجيل صادرات اللقاحات المنتجة في الاتحاد الأوروبي، ما قد يؤدي إلى وقوع توترات سياسية مع عملاء آخرين على غرار: بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
أيضاً، يرى خبراء أن هناك إشكالية قانونية عند إلزام شركة بعدم تزويد عملاء آخرين من أجل حل مشاكل التوريد في الاتحاد الأوروبي. وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الصحية ستيلا كيرياكيدس إن الاتحاد الأوروبي ليس لديه خطط لحظر تصدير اللقاح، لكنه يرغب فقط في الشفافية.
ومع ذلك، فمن الملاحظ أنه حتى بدون مشكلة “أسترازينيكا”، فإن حملة التطعيم في الاتحاد الأوروبي تسير ببطء أكبر بالمقارنة مع أجزاء أخرى في العالم. ويبدو أن بعض الدول مثل: إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تطعم بشكل أسرع، فيما تشكو عدة دول أوروبية من نقص اللقاح من الشركات التي تم الموافقة سابقا على لقاحها مثل بيونتيك- فايزر ومودرنا.
وكانت العاصمة الإسبانية مدريد قد أعلنت تعليق عملية التطعيم لمدة أسبوعين بسبب النقص في تسلم الجرعات. أما في ألمانيا فالعديد من مراكز التطعيم لم تستهل عملها بعد. زيادة على ذلك، كان تلقيح الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً أبطأ مما كان متوقعا. كما يتعين على وزير الصحة الألماني ينس شبان تبرير هذا النقص بشكل يومي تقريباً.
عمليات تطعيم بطيئة؟
وأبرم الاتحاد الأوروبي عقود توريد مع ست شركات مصنعة للقاحات لتزويد جميع الدول الأعضاء والبالغ عددها 27 دولة. ويهدف الاتحاد الحصول على 2.3 مليار جرعة، وقد تم حتى الآن تطعيم حوالي 8.4 مليون شخص من أصل 450 مليونا من مواطني الاتحاد الأوروبي.
وتبعاً لمعدل التطعيم في الوقت الحالي، فإن عملية الحصول على جرعتين لكل شخص ستستغرق أكثر من عامين. إلا أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي وضعوا هدفا لتطعيم حوالي 70 بالمائة من السكان بحلول نهاية فصل الصيف، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها القضاء على الوباء.