نشر بشراكة مع DW العربية
حشد حزب النهضة الإسلامي، وهو أكبر حزب سياسي في البرلمان التونسي، عشرات الآلاف من أنصاره قدموا من أنحاء البلاد إلى العاصمة اليوم السبت في استعراض للقوة ربما يؤجج خلافا سياسيا أصاب الحكومة بالشلل وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
ومظاهرة اليوم هي واحدة من أكبر المظاهرات في تونس منذ ثورة 2011. ووصل أنصار الحزب منذ ساعات الصباح رغم تدابير الحجر الصحي الجزئي التي تفرضها السلطات، بعد دعوات أطلقها قياديون في الحركة للنزول إلى الشارع في ظل الأزمة الدستورية المعطلة للتعديل الحكومي منذ أكثر من شهر.
وتجمع الآلاف من أنصار الحزب بوسط تونس في مسيرة بشارع محمد الخامس، المحاذي لشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي الذي حظرت قوات الأمن التظاهر فيه منذ أشهر وأغلقت أغلب مداخله اليوم.
وألقى زعيم النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي كلمة في أنصاره دعا من خلالها إلى “الوحدة ونبذ العنف والتعاون”. وقال “هذا شعب الثورة. الثورة مازلت حية ولم تنم… ندعو الجميع إلى الوحدة والحوار وتونس تتسع للجميع بعيدا عن الاقصاء”. وأضاف “الشعب يقول كلمته اليوم نريد الديمقراطية ونرفض الشعبوية”.
وردد عشرات الآلاف من أنصار الحزب المشاركين في مسيرة بشارع محمد الخامس بوسط تونس العاصمة هتافات “الشعب يريد حماية المؤسسات” و”الشعب يريد الوحدة الوطنية” و”الشعب يريد حماية الدستور” و”لا رجوع للدكتاتورية”.
وكان الحزب الأول في البرلمان دعا إلى المسيرة تحت شعار “مسيرة الثبات ودعم المؤسسات”، وهي تأتي بعد أسابيع من مسيرات متتالية كل يوم سبت لنشطاء ومنظمات من المجتمع المدني وأنصار المعارضة وسط العاصمة ضد الحكومة والفساد وقمع الشرطة والبطالة والأزمة الاقتصادية.
ودعم حزب النهضة الإسلامي بقيادة رئيس البرلمان راشد الغنوشي رئيس الوزراء هشام المشيشي في مواجهته مع رئيس البلاد قيس سعيّد فيما يتعلق بتعديل وزاري. وأجج الخلاف جدالا على مدى أشهر بين الثلاثة في أحدث أزمة سياسية تشهدها تونس منذ أن أدت انتخابات 2019 إلى ظهور برلمان مشرذم بينما دفعت سعيّد، المستقل، إلى سدة الرئاسة.
وكان سعيد قد عين المشيشي رئيسا للوزراء في الصيف الماضي عندما انهارت الحكومة بعد خمسة أشهر فقط من توليها المسؤولية، لكن سرعان ما دب الخلاف بينهما. وسعى المشيشي بعد ذلك إلى نيل دعم أكبر حزبين في البرلمان، وهما النهضة وقلب تونس الذي يرأسه قطب الإعلام المسجون نبيل القروي.
وغيّر المشيشي الشهر الماضي 11 وزيرا في تعديل وزاري يُنظر إليه على أنه إبدال لحلفاء رئيس البلاد بحلفاء للنهضة وقلب تونس. لكن الرئيس رفض أن يؤدي أربعة منهم اليمين، قائلا إن الرفض يتعلق بشبهات تضارب في المصالح.
وفي شارع الحبيب بورقيبة غير بعيد عن مظاهرة النهضة، خرج مئات من حزب العمال الذي يقوده حمة الهمامي في احتجاج ضد النظام. ورفع المحتجون شعارات “الشعب يريد إسقاط النظام” و”فاسدة المنظومة حاكم وحكومة”. وجرت المظاهرات دون أي أعمال عنف.
وتشهد تونس احتجاجات اجتماعية متواترة كان آخرها في يناير/ كانون الثاني الماضي تسببت في توقيف أكثر من 1500 شخص. وحث صندوق النقد الدولي في ختام مشاوراته بشأن تونس ليل الجمعة/السبت الحكومة باجراء باصلاحات عاجلة لخفض العجز المالي المتفاقم، من بينها خفض كتلة الأجور ودعم الطاقة وصلاح المؤسسات العمومية وتعزيز الحوكمة ومكافحة غسل الأموال والفساد وتمويل الإرهاب.