أسامة بلفقير – الرباط
قدمت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لفائدة مصالح الاستخبارات الفرنسية، في فاتح أبريل الجاري، معلومات دقيقة مكنتها من تجنب عملية إرهابية لتنظيم “داعش”. ويتعلق الأمر، وفق الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بمعطيات تهم مواطنة فرنسية، من أصل مغربي، كانت بصدد التحضير لاستهداف كنيسة بفرنسا.
هذه المعلومات الاستخباراتية النوعية تكشف بالملموس الريادة الدولية للأمن المغربي في مكافحة الإرهاب، حتى إن الجهاز الأمن الوطني أصبح نموذج لدول كبرى في مواجهة التطرف والظاهرة الإرهابية. فالمعلومات التي تم الإعلان عن تقديمها إلى الاستخبارات الفرنسية لم تكن مجرد “تعاون معزول”، بل تمثل في واقع الأمر عملا دؤوبا للمصالح الأمنية المغربية التي أصبحت تعلب دورا جوهريا واستراتيجيا في تحقيق أمن عدد كبير من الدول، عبر توفيرها معطيات دقيقة لمصالحها الأمنية.
فالتاريخ يشهد على الدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية المغربية، ولاسيما مصالح مراقبة التراب الوطنية في تحييد الكثير من المخاطر. ففي منطقة الساحل مثلا، ساهمت المعلومات التي وفرتها الأجهزة المغربية في إطار عملية استمرت عدة أشهر، من رصد المغربي علي ميشو الملقب بـ”أبو عبد الرحمن المغربي”، الذي يعتبر الرجل الثاني في “جماعة نصرة الاسلام والمسلمين”، فرع تنظيم القاعدة بمنطقة الساحل، وتم تحييده من قبل القوات الفرنسية المنتشرة في مالي مطلع أكتوبر 2019.
وعلى الصعيد الدولي، اضطلعت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بدور أساسي في تحديد مكان منفذي هجمات مدريد، التي خلفت 162 قتيلا وأكثر من 1800 مصاب. كما ساهمت أجهزة الاستخبارات المغربية في تفكيك شبكة إجرامية في بلجيكا، في أعقاب تفكيك شبكة بلعيرج الدولية في دجنبر 2008، من قبل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، على خلفية اعتقال أكثر من ثلاثين عنصرا على صلة بتنظيم “القاعدة” و”الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة” و”الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا (الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التي أضحت فرعا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، بالإضافة إلى حيازة عدة أسلحة، تشمل بندقيات كلاشينكوف، ومسدسات رشاشة في الدار البيضاء والناظور. كما مكنت قضية بلعيرج من كشف ملابسات قتل ستة أشخاص على التراب البلجيكي.
بالإضافة إلى ذلك، مكنت معلومات وفرها المغرب المحققين الفرنسيين من تتبع مسار عبد الحميد أباعود ، الذي قاد الهجمات الإرهابية في 13 نونبر 2015 في باريس، والتي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية. وقد أخطرت الأجهزة المغربية المخابرات الفرنسية، برصد، في فرنسا، المدبر المفترض لهجمات باريس وسان دوني، ما مكن من تحييده .
وتمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من تعقب أباعود الذي ظل مختبئا لمدة أربعة أيام التي أعقبت هجمات باريس، التي نسقها ونفذها، والذي ساعدته قريبته حسناء آيت أبو لحسن، على الاقامة في شقة في سان دوني. وقتل أباعود وشريكته في هجوم شنته الشرطة الفرنسية بناء على معلومات استخبارية قدمتها الأجهزة المغربية، وهو الأمر الذي حال دون وقوع المزيد من المجازر ضد أهداف أخرى في العاصمة الفرنسية.
وفي الجارة الأيبيرية، ما فتئت الشرطة الوطنية الإسبانية والحرس المدني يثمنان جودة التعاون مع الأجهزة المغربية لتحقيق نفس الهدف، المتعلق بمكافحة التهديد الإرهابي، بشكل دؤوب. وقد أثمر هذا التعاون المستمر تفكيك مشترك في إسبانيا والمغرب منذ عام 2014، مع الشركاء الإسبان، لعشرات الفروع السورية-العراقية التي كانت تستهدف المملكتين.
هو إذن عمل دؤوب ومستمر، يشهد عليه تاريخ المؤسسة الأمنية المغربية الحافل بعدد من التدخلات الميدانية على الصعيد الوطني، أو التعاونية من خلال تقديم المعطيات والمعلومات الاستخباراتية الدقيقة للدول الصديقة من أجل التدخل في الوقت المناسب لتحييد الخطر، وتفادي وقوع أحداث إرهابية تستهدف أمن واستقرار تلك الدول.