أسامة بلفقير – الرباط
حسنا فعل المغرب حينما قرر استدعاء سفيره برلين للتشاور، بعدما تورطت ألمانيا في سلسلة من السلوكات غير الدبلوماسية التي استهدفت من خلالها النيل من السيادة الوطنية، عبر مناورات مفضوحة بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق الاعتراف بالسيادة الكاملة للمملكة على صحراىها.
تعامل الرباط مع هذه السلوكات اتسم بحكمة ودبلوماسية كبيرة. فخطوة المغرب الأولى بوقف الاتصالات دون الكشف، يشكل علني، عن الأسباب، إنما كان رسالة واضحة لألمانيا من أجل إعادة تريب أوراقها الدبلوماسية، وعدم حشر أنفها في ملف لا يعنيها في شيء.
لكن الواضح أن مناورات ألمانيا لم تتوقف، ليقرر المغرب في خطوة دبلوماسية أقوى، استدعاء سفيره للتشاور. ولا تستبعد مصادر عليمة أن يكون هذا الاستدعاء بمثابة تعليق للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى غاية وضع النقط على الحروف، وابتعاد ألمانيا عن ملف لا يعنيها في شيء، إن كانت غير مستعدة للتفاعل معه بإيجابية.
ألمانيا اليوم تحاول أن تجد لها موطئ قدم في المنطقة المغاربة، في تنافس محموم مع فرنسا. ولا سر إن قلنا بأن ألمانيا تحاول من خلال هذه المناورات الضغط على المغرب في أمور لا علاقة لها بما هو جيو-سياسي. فالأخيرة ترى نفسها مبعدة عن “كعكعة للصفقات” بالمنطق الألماني، وكأن هذه المملكة توزع الصفقات ذات اليمين وذات الشمال.
مسألة أخرى غاية في الخطورة، وهي قيام ألمانيا بأمرو تمثل استهدافا للأمن القومي للمغرب. ذلك أن تواطئها مع الإرهاب محمد حجيب، بل وتسريبها لمعطيات أمنية حساسة سبق أن قدمها لها المغرب، إنما يشكل جريمة متكاملة الأركان تطرح أكثر من علامة استفهام حول هذه المواقف غير المفهومة.
فالمغرب الذي أصبح مرجعا دوليا في التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، باتت تعول عليها دول العالم في حماية مواطنها من خطر الإرهاب. في أمريكا وفرنسا وإسبانيا ودول عديدة، قدم المغرب معطيات دقيقة مكنت من تحييد الخطر والوصول إلى أشخاص كانوا يخططون لأعمال إرهابية.
إن موقف المغرب مما قامت وتقوم به ألمانيا، لهو عين الصواب. بل إن تحركات عدد من المنظمات غير الحكومية، تطرح من جانبها علامات استفهام حول بعض أنشطتها المشبوهة، التي تختبئ وراء مقولات الديمقراطية وحقوق الإنسان، لتستهدف أمور أخرى غير معلنة.