24 ساعة ـ متابعة
يحظى مجال الدعم الاجتماعي في المشروع الإصلاحي لقطاع التربية الوطنية باهتمام خاص، بالنظر إلى مساهمته في التشجيع على التمدرس وتعميمه وتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص، حيث تم تخصيص المشروع الثالث المتعلق بتطوير منظومة منصفة وناجعة للدعم الاجتماعي، ضمن المشاريع الاستراتيجية لتنزيل أحكام القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
ويهدف هذا المشروع إلى تجاوز المعيقات السوسيو اقتصادية والجغرافية التي تحول دون ولوج الأطفال للتمدرس والاحتفاظ بهم داخل المنظومة التربوية وخاصة المنحدرين منهم من الأسر الفقيرة والمعوزة والمنحدرين من المناطق ذات الخصاص.
ولأجل تحقيق هذا المسعى، وتفعيلا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في خطاب العرش ل 29 يوليوز 2018، الذي أكد أنه ” … وحتى يكون الأثر مباشرا وملموسا، فإني أؤكد على التركيز على المبادرات المستعجلة في المجالات التالية: أولا: إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ، ومحاربة الهدر المدرسي، ابتداء من الدخول المدرسي المقبل ، بما في ذلك برنامج تيسير للدعم المالي للتمدرس، والتعليم الأولي، والنقل المدرسي، والمطاعم المدرسية، والداخليات، وكل ذلك من أجل التخفيف من التكاليف التي تتحملها الأسر ودعمها في سبيل مواصل أبنائها للدراسة والتكوين …” اتخذت الوزارة تدابير إجرائية ملموسة، تتمثل في تعزيز مجموعة من البرامج الاجتماعية والتي تغطي حاجيات الفئات المستهدفة من أجل تحقيق الأهداف المنتظرة، ويتعلق الأمر ب: تطوير المبادرة الملكية “مليون محفظة” وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج الدعم المادي المباشر للأسر الفقيرة والمعوزة، وتعزيز بنيات الاستقبال بالداخليات والمطاعم المدرسية، مع تجويد الخدمات المقدمة داخل هذه الفضاءات، وكذا تطوير وتجويد خدمة النقل المدرسي بالوسط القروي، إضافة إلى إرساء تدبير أمثل لهذه البرامج.
إجراءات عملية نحو تحقيق تمييز إيجابي للمناطق ذات الخصاص وتكافؤ الفرص
عملت الوزارة الوصية في إطار دعمها للتمدرس على تعزيز المبادرة الملكية “مليون محفظة” التي كان لها الأثر الإيجابي في تحفيز المستفيدات والمستفيدين على الاستمرار في التمدرس، وأيضا تشجيع الآباء على مواكبة أبنائهم في التحصيل الدراسي، وبلغ عدد المستفيدات والمستفيدين من هذه المبادرة الملكية 4.216.068 مستفيدة ومستفيد خلال الموسم الدراسي 2019-2020 (زيادة 10.3% مقارنة مع الموسم الدراسي 2018-2019)، منهم 2.593.705بالوسط القروي، حيث يستفيد من هذه المبادرة الملكية تلاميذ جميع السنوات بالسلك الابتدائي وتلاميذ السنة الأولى والثانية والثالثة من السلك الإعدادي.
كما تم إيلاء أهمية كبرى لتوفير الداخليات خاصة في الوسط القروي حيث استفاد من خدمات الداخليات والإطعام المدرسي حوالي مليون ونصف تلميذ(ة) برسم الموسم الدراسي 2019-2020، وكذلك لتوفير النقل المدرسي للتلميذات والتلاميذ بالوسط القروي، وبفضل انخراط المجالس الإقليمية ومجالس الجهات وعدة شركاء تم توفير هذه الخدمة لفائدة المتعلمات والمتعلمين، إذ بلــغ عــدد المستفيدات والمستفيدين منها 275.832 تلميذ ة وتلميذ برسم 2019-2020 (زيادة 20.4% مقارنة مع الموسم الدراسي 2018-2019) منهم 217.391 بالوسط القروي.
ومن أجل إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، وتنزيلا لبرنامج عمل الوزارة الذي قدمه سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي خلال محطة الدخول المدرسي للموسم الدراسي 2018-2019 ، بتاريخ 17 شتنبر 2018 أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، عملت الوزارة على توسيع قاعدة المستفيدين من برنامج “تيسير” للدعم المادي المشروط للأسر، الذي يشكل برنامجا طموحا، ساهم بشكل كبير في تخفيف العبء المادي عن الأسر الفقيرة والمعوزة، حيث استفاد منه خلال الموسم الدراسي 2019-2020، أكثر من 2 مليون و200 ألف تلميذة وتلميذ (زيادة تفوق 210% مقارنة مع الموسم الدراسي 2017-2018) وبميزانية قدرها 2.3 مليار درهم مقابل 500 مليون درهم المخصصة للبرنامج في 2017.
ولم تقف الوزارة عند هذا الحد بل عززت هذا المشروع خلال الموسم الدراسي 2018-2019 بتحسين نمط استهداف الأسر من خلال اعتماد معيار جديد يتمثل في التوفر على بطاقة “راميد” سارية المفعول خاصة بالنسبة للمجالات الجغرافية التي تشملها مرحلة توسيع البرنامج، مما مكن من تغطية جميع الجماعات القروية بالسلك الابتدائي وجميع الجماعات القروية والحضرية بالسلك الثانوي الإعدادي.
ولا يمكن إغفال المجهود الكبير الذي بذلته الوزارة، في إطار تفعيل برنامج عملها الملتزم به أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وذلك من خلال تجويد خدمات الأقسام الداخلية والمطاعم المدرسية تحت شعار: “تجويد خدمات الأقسام الداخلية والمطاعم المدرسية رافعة لدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي بالأسلاك التعليمية الثلاثة”، وذلك باعتماد برامج تغذية تتلاءم والفئات العمرية المستهدفة، وتراعي التوازنات الغذائية والمالية من خلال تحسين الوجبات الغذائية، كمَّا وكيفا، وتم في هذا الإطار الرفع من مقدار المنح المدرسية المخولة عن كل ثلاثة أشهر للاستفادة من خدمات الأقسام الداخلية بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، حددت في 1800 درهم عن كل تلميذ بالنسبة للمنحة الكاملة الخاصة بالقسم الداخلي، و900 درهم عن كل تلميذ بالنسبة للمنحة الخاصة بوجبة غذاء، وحددت الوزارة بتنسيق مع قطاع الصحة، برنامجا أسبوعيا مقترحا للتغذية للأقسام الداخلية والمطاعم المدرسية بهذه الأسلاك التعليمية واحتساب الكلفة المالية والسعرات الحرارية للوجبات الغذائية، واستفاد في إطار آلية هذا الدعم خلال الموسم الدراسي 2020-2019 ما مجموعه 1.145.721 تلميـذة وتلميذ مــن الإطعام المدرسي، منهم 1.070.939 بالوسط القروي، أي بزيادة 1.1% مقارنة مع الموسم الدراسي 2019-2018 و106.572 مـن خدمات الداخليات أي بزيادة 3.3% مقارنة مع الموسم الدراسي 2019-2018.
ومن أجل تجاوزها لمعيقات التمدرس بالوسط القروي، وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، عملت الوزارة على إرساء نموذج “المدارس الجماعاتية” بالعديد من المناطق القروية، تضم حجرات للتدريس داخلية ومطعما وملاعب رياضية وقاعات متخصصة وسكنا للمدرسات والمدرسين وكذا للمديرات والمديرين وتوفر وسائل النقل المدرسي والإطعام المدرسي للتلميذات والتلاميذ، وهذا النموذج الناجع ساهم بشكل كبير في تفادي تشتيت التلاميذ على الفرعيات وتجنب الأقسام المشتركة والمتعددة المستويات التي تضيع فيها مجهودات المدرسات والمدرسين، والحد من الهدر المدرسي بالنسبة للتلميذات والتلاميذ المنحدرين من المناطق القروية النائية، وخصوصا الفتيات القرويات، كما ساعدهم على تنمية قدراتهم المعرفية والسلوكية والوجدانية من خلال الأنشطة التي يمكن القيام بها داخل مؤسسة كبيرة وغير متسمة بالعزلة، رغم بعض الحالات الاستثنائية التي عرفت محدودية تفعيل هذا النظام، خصوصا فيما يتعلق بالإكراهات المرتبطة بإشكالية توطين هذه المدارس في بعض المناطق، ليتعزز هذا المشروع في إطار تفعيل القانون الإطار51-17 بتوسيع شبكة المدارس الجماعاتية، ليصل مجموعها على المستوى الوطني إلى 183 مدرسة ابتدائية جماعاتية على أن تواصل الوزارة توسيع شبكة هذه المدارس بدعم من شركائها من خلال إحداث أكثر من 150 مدرسة جماعاتية في أفق 2025.
وكل هذه المبادرات الخاصة بالدعم الاجتماعي ساهمت إلى حد كبير في تحسين المؤشرات التربوية، خاصة فيما يتعلق بتعميم التمدرس بمختلف الأسلاك التعليمية، كما كان لها الأثر القوي في الحد من الانقطاع الدراسي، الذي تراجع بالأسلاك التعليمية الثلاثة، حيث انخفض عدد المنقطعين من 359.745 منقطعا سنة 2019-2018 إلى 304.545 سنة 2020-2019 وكذا على نسب استكمال الدراسة، التي عرفت زيادة قدرها 5.8 نقطة مئوية بالنسبة للسلك الإعدادي و7.7 نقطة مئوية بالنسبة للثانوي التأهيلي.
ورغم هذه المجهودات الكبيرة التي بذلت في إطار تنزيل ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين، بفضل دعم مختلف الفاعلين التربويين ودعم الشركاء، لازالت أمام الوزارة تحديات كبرى للقضاء بشكل نهائي على معضلة الهدر المدرسي، خصوصا بالتعليم الثانوي الإعدادي من خلال تعزيز برامج الدعم الاجتماعي إضافة إلى برامج أخرى من بينها مدارس الفرصة الثانية من الجيل الجديد، مما يستدعي، من جهة، تحسين الوضعية الاجتماعية للأسر المعوزة والمناطق ذات الخصاص وكذا تعزيز الوعي الأسري بالزامية التمدرس، ومن جهة أخرى، مواصلة تظافر جهود الجميع وانخراطهم في كسب رهان تحقيق المدرسة المغربية المنشودة، مدرسة الإنصاف، والجودة، والارتقاء بالفرد والمجتمع.