أسامة بلفقير – الرباط
من أجل تحقيق الطموحات والأهداف الأساسية التي ينشدها، فإن النموذج التنموي الجديد يرتكز على أربعة محاور رئيسـية للتحول والتي سيكون من اللازم إنجازها وفقا للمبادئ والمقاربات التي تدعو إليها مرجعية التنمية والتوجه التنظيمي.
يندرج المحور الاســتراتيجي الأول ضمن تطوير الاقتصاد من اقتصاد يتسم بقيمة مضافة ضعيفة، وإنتاجيـة منخفضة مع أنشـطة ريعية ومحمية، إلى اقتصاد يتميز بتعدد الأنشطة وبالتنافسية قائم على نسيج مكثف من المقاولات قادرة على الابتكار والمرونة. ويجب أن يكون هذا التحول الاقتصادي مصدرا لنمو أكبر وقادرا على خلـق مناصب شغل ذات جودة، قصد تنويع مصادر خلق القيمة المضافة وضمان إدماج الساكنة النشـيطة، خصوصا الشـباب والنسـاء، في سـوق الشغل.
يرتكز المحور الاستراتيجي الثاني على تعزيز الرأسمال البشري لبلادنا بهدف منح كل المواطنين القدرات التي تمكنهم، بكل استقلالية، مــن الأخذ بزمام أمورهم وتحقيق طموحاتهم والمساهمة في تنمية البلاد واندماجها في اقتصاد المعرفة والاقتصاد اللامادي استنادا إلى الكفاءات. ويتضمن هذا المحور إنجاز إصلاحات أساسية، ضرورية وعاجلة لكل من أنظمة الصحة والتربية والتعليم العالي والتكوين المهني.
ويهـدف المحور الاستراتيجي الثالث، المتمثـل في الإدمـاج، إلى مساهمة كل المواطنات والمواطنين فـي الديناميـة الوطنية للتنمية، الأمر الذي يسـتوجب إدماج كافة المواطنين وكل المجالات الترابية في المجهود التنموي الجماعي مـن خلال المشاركة والولوج المتكافئ إلـى الفرص الاقتصادية، ومن خلال الحمايـة الاجتماعية، ومـن خلال الانفتاح على الغيـر وتقبـل التنـوع الـذي يميـز المجتمـع المغربي. لذا، يجـب محـو كل المعاييـر الاجتماعية التمييزية وتجاوز النقائص المرتبطة بالمؤهـلات والقدرات، والتـي تتسـبب فـي الإقصاء الاجتماعي، لفسح المجال لدينامية الإدماج بواسـطة النمو الاقتصادي والعمل وتعبئة المواطنين وتقوية الرابط الاجتماعي.
ويتعلق المحور الاستراتيجي الرابع بالمجالات الترابية وتعزيز مكانتها في صلب العملية التنموية. ويستدعي هذا التوجه الانتقال بالمجالات الترابية مـن مجرد وعاء نهائي لتفعيل سياسات عمومية، مقررة على المستوى المركزي، إلى فاعل رئيسي في إعـداد السياسات العمومية وإرسائها وإنجازها. ومن شأن ذلك أن يمثل رافعة أساسية تضمن الولوج العادل إلى الخدمات العمومية وإطارا سليما وجيدا للعيش، مع الحفاظ على الموارد واحترام كل روافد الهوية الوطنية وضمان كرامة كل المغاربة داخل كل الأوساط، أخذا بعين الاعتبار الإنتظارات والإمكانات على حد سـواء.