أسامة بلفقير – الرباط
دعت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في تقريرها العام، إلى التركيز على تنفيذ سياسات “متجددة” و”ملائمة” لاحتياجات وانتظارات مغاربة العالم والدفاع عن مصالحهم لدى بلدان الإقامة.
وذكرت اللجنة في تقريرها، أن النموذج التنموي الجديد يؤكد على المكانة الخاصة لمغاربة العالم، الذين يشكلون قوة ورصيدا مهما في مسار تنمية البلاد. وأكدت اللجنة مجددا، في هذا الإطار، على أهمية تفعيل الأحكام الدستورية من أجل تمثيل أفضل للجالية المغربية بالخارج وذلك بالخصوص من خلال تعزيز مجلس الجالية المغربية بالخارج.
وأضاف التقرير أنه لأجل تعبئة أكبر لكفاءات مغاربة العالم خدمة لتنمية البلاد، توصي اللجنة باعتماد مقاربات محفزة تعزز جذب مغاربة العالم ذوي المؤهلات العالية والعاملين في القطاعات المتطورة مثل التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، والتكنولوجيا البيولوجية أو الطاقات المتجددة.
وأبرزت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في هذا الصدد، أنه سيكون من المناسب إحداث قاعدة بيانات لمغاربة العالم يمكن للمؤسسات المغربية العمومية والخاصة الولوج إليها، معتبرة أن تعبئة مغاربة العالم قصد تنمية أنشطة البحث العلمي والبحث – التطوير والابتكار أمر أساسي بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبوها في هذا المجال.
ويتطلب تحقيق هذا الهدف، تضيف اللجنة، الشروع في اتخاذ بعض التدابير القبلية التي تهم على الخصوص، هيكلة منظومة البحث العلمي وربطه بالأولويات الإستراتيجية للبلاد وذلك من خلال برامج وطنية محددة بوضوح وتعتمد على حكامة شفافة وتكون موضوع تتبع وتقييم منتظمين.
وأكد التقرير على أن خصوصية مغاربة العالم، باعتبارهم حلقة وصل بين المغرب وباقي بلدان العالم، تشكل فرصة ثمينة يجب استثمارها. فمن خلال دورهم كـ”جسر” بين السوق الوطنية والأسواق الدولية، يمكن لمغاربة العالم أن يساعدوا على تعبئة رؤوس الأموال وتطوير شراكات جديدة أو الولوج إلى كفاءات وخبرات غير متوفرة في المغرب وأيضا الترويج لمنتجات وخدمات مغربية.
كما أنه بإمكان الجالية المغربية بالخارج تعزيز جهود الإشعاع الدولي للمملكة المغربية بالاعتماد سواء على البنيات الموجودة حاليا أو على الفضاءات القابلة للتعبئة في بلدان الإقامة من أجل نشر الثقافة المغربية في الخارج.
من جهة أخرى، يسلط التقرير الضوء على تدفق تحويلات مغاربة العالم نحو المغرب، والتي تساهم بشكل كبير في توازن ميزان الأداء للمملكة. وتؤكد اللجنة أنه ” يتوجب الحفاظ عليها وتعزيزها من خلال تطوير منتجات مالية تتماشى وأهداف استثمارات مغاربة العالم خصوصا لصالح الأجيال الجديدة”.
وبالإضافة إلى التحويلات المالية، يضيف التقرير، ينبغي العمل على تشجيع استثمارات مغاربة العالم بالمغرب عبر اعتماد سياسة شاملة ومندمجة ترتكز على آليات المواكبة وربط الاتصال مع حاملي المشاريع في المغرب. وفضلا عن ذلك ينبغي القيام بمبادرات قوية ومنتظمة في مجال التواصل لشرح وتوضيح الإطار القانوني والتنظيمي والمسطري المعتمد وطنيا وتوفير المعلومات الضرورية حول فرص الاستثمار في المغرب حسب الجهات والقطاعات.
كما أكدت اللجنة على ضرورة مواصلة المجهودات الرامية إلى تعزيز وتقوية الروابط الثقافية واللامادية مع المكون الأساسي والهام من الشعب المغربي، وذلك من خلال الرفع الملموس من جودة محتوى البرامج الثقافية الحالية مع الحرص على التنظيم الدوري لتظاهرات سوسيو ثقافية وتقديم دروس في اللغات العربية والأمازيغية لفائدة الأجيال الجديدة المزدادة ببلدان الإقامة، وكذا بوضع منصات رقمية للتعلم رهن إشارتهم لتمكينهم من التعرف بشكل أفضل على الإرث الثقافي لبلدهم الأصلي.
وفي هذا الإطار، تدعو اللجنة إلى تعزيز وترسيخ المجهودات المبذولة من طرف المؤسسات الفاعلة الرئيسية، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الشؤون الخارجية، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج.
ولهذا الغرض، توصي اللجنة بإحداث وكالة مغربية للعمل الثقافي بالخارج لتوحيد مجهودات مختلف الفاعلين في هذا المجال ودعم تعبئة مغاربة العالم. كما أشارت اللجنة إلى أهمية الجالية اليهودية المغربية المتواجدة عبر العالم، مبرزة أن هذه الجالية ظلت مرتبطة ارتباطا وثيقا ببلدها الأصلي المغرب، وتبدي اهتماما كبيرا بالعمل الذي تقوم به المملكة فيما يخص الحفاظ على أماكن الذاكرة اليهودية (المقابر، المعابد، المتاحف …) وتثمين تراثها غير المادي.
وأكدت أن إقرار الدستور بالرافد العبري كأحد مقومات الهوية الوطنية واعتماد المملكة لسياسة خارجية مرتكزة على الانفتاح والتوازن يساهمان في خلق دينامية من شأنها تعزيز مساهمة هذه الجالية في المسار التنموي بالمعرب وتعزيز قيم السلام والتسامح والحوار.