محمد الشمسي
ما أحقرهم وما أنذلهم و ما أجبنهم، سياسيون من عديمي الضمير السياسي “جمعوا شطايطهم” من هذا الحزب وحطوا الرحال في حزب آخر، لا عهد لهم بخط الحزب ولا بوثائقه ولا بمرجعيته، هم فقط يميلون حيث يوجد “ليدام سياسي”، حيث توجد تزكية، ولو افتتح الشيطان حزبا لحملوا ألوانه، في زمن تشابهت الشياطين على الناس.
هم كذلك تطالعنا الصحافة أخبار تجوالهم بين الأحزاب حد التسول وهم أشبه ببائعات الهوى اللواتي تبحثن عن الزبون الذي يدفع أكثر، وتراهن كل ليلة في حضن أحدهم، لا فرق عندهن بين شاب وشيخ، بين مريض وسليم.
اليوم بلون حزب “لكبالة” وغدا بلون حزب “القالب” وبعد غد بلون “الفجلة” وبعد غد بلون”القرعة”، يدشنون موسم الدعارة السياسية، وحتى إذا ما رسا عليهم “البريكول السياسي” لبسوا أقنعة أهل الوعظ والنصح والإرشاد وراحوا يقدمون للناس الوصايا والدروس من خلف الميكروفونات.
ما أمقتهم يلعبون لعبة قذرة تقوم على تحويل السياسة إلى “رحبة”، تصبح فيها الكتلة الناخبة قطيعا من المغفلين الذين يتراصون في طابور الانتخابات لإضفاء الشرعية على “الشناقة” …لا حياء لهم ولا شرف ولا ملة ولا دين، يحومون حول الأحزاب كما يحوم الذباب فوق الفضلات حديثة العهد بالخروج، في طنين إعلامي كاذب ناشف ملتبس، يمدحون فيه حزبهم الجديد كما تمدح “الشيخة” موسرا سكيرا سلمها كل أمواله وبقي مفلسا.
أما الأحزاب فترمي لهم بغنجها وتدللها، وتغريهم بتزكياتها ونعمها، وتفتح أبوابها مثل دور الدعارة، تستقبل “أشرار السياسة” لتشتري بهم منزلة توصلها إلى ضرع البقرة….أحزاب عجزت عن إنشاء مدارس لتعليم فنون وأخلاق السياسة وراحت تنشد الجاهز من “المناضلين” تشترط فيهم أن يكونوا “ناضيين” من حيث “الحبة والبارود”، أحزاب بلا هوية وبلا قيمة وبلا شأن ولا أرضية، وحده أمينها العام الخالد فيها، وما دونه من “المناضلين” يتلونون ويتبدلون من حوله حتى بهت لونهم ونشف وباتوا “معندهم مذهب”.
مع أمثال هؤلاء السياسيين وتلك الأحزاب يولد كل مشروع تنموي ميتا، وتصبح التنمية مجرد خرافة، ويموت الإبداع كما يموت الأمل مثلما يموت الطموح، ولا يأتي الغد إلا كئيبا حزينا، ويتحول الوطن إلى غرفة حمام ساخن تضيق فيه الأنفاس وتنعدم فيه الحياة، مع هؤلاء ينتكس المجتمع إلى الخلف بخطى ثابتة، و يغرق في الفقر والجهل حتى يخترق القاع، مع هؤلاء سترتفع معدلات البطالة ومؤشرات الأسعار والتضخم وتزداد كل الموازين عجزا فوق عجزها، ويرتفع الضغط الدموي للوطنيين المخلصين لهذا الوطن الذي يرونه أسيرا سجينا لدى هؤلاء الطماعين النهمين الجشعين…مع هؤلاء سيتعلم الجيل اليائس المحبط السباحة ليسبح ويتحدى الأمواج فرادى وجماعات هربا من القنوط والخيبة ومن الموت قبل الأوان.