مريم بلخسيري – صحافية متدربة
كشفت صحيفة “أوك دياريو” الإسبانية ، عن السبب وراء عودة الطائرة الجزائرية التي كانت متجهة نحو إسبانيا، يوم الثلاثاء فاتح يونيو 2021، لنقل زعيم جبهة البوليساريو أمام المحكمة الوطنية عن بعد، للإدلاء بشهادته في الجرائم المنسوبة إليه . وعودة الطائرة لم تكن متعلقة بوجود مشكلة في مطار لوغرونيو،كما زعمت مدريد، وإنما بضغط كبير مارسه المغرب على إسبانيا لمدة 17 ساعة حتى لا يرحل دون المثول في أمام القضاء.
الثلاثاء الماضي، عاشت الحكومة الإسبانية 17 ساعة من التوتر، حسب مصادر دبلوماسية استشارتها ذات الصحيفة، حيث تم استدعاء غالي للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الوطنية العليا ،لكنه كان ينوي مغادرة البلاد دون المثول أمام المحكمة، و هو ما كان قد أكده “سالم البصير “، الذراع الأيمن لزعيم جبهة البوليساريو في حوار صحفي سابق مع نفس الصحيفة.
وهو ما دفع بالرباط إلى إرسال رسالة إلى الشؤون الخارجية الاسبانية عبر القنوات الديبلوماسية، تحذر فيها من أن مغادرة غالي للبلاد دون المثول أمام القاضي، سيزيد من توثر و تعقيد العلاقة بين البلدين.
و بذلك تعهدت الحكومة الإسبانية بإدارة عملية المغادرة “بشفافية” “وبمجرد مثول غالي أمام العدالة”.
و حسب ذات الصحيفة فقد اتفقت جميع الأطراف المعنية بقضية غالي على أمر واحد، و هو مغادرة غالي البلاد بعد إنهاء الجلسة. لكن الجزائر كانت تخطط لشيء آخر.
أُبلغ فجر يوم الثلاثاء من الجزائر العاصمة إلى مدريد أن رحلة إعادة غالي تنتظر الإذن بالخروج من مدرج في قاعدة بوفاريك العسكرية ، على بعد 35 كيلومترًا فقط جنوب غرب العاصمة الجزائرية.
خطة طيرانها سرية ولا تظهر وجهتها النهائية في المعلومات الإلكترونية المنبعثة من إشارة ADS-B. لم تذكر وجهته ، لكن السلطات الإسبانية تعرف ما هي، حيث ستتجه نحو مطار ألغونسيلو ، في لوغرونيو ، الأقرب إلى المستشفى الذي يدخل فيه غالي.
بعد ذلك مباشرة أبلغت الحكومة الإسبانية نظيرتها المغربية أن الطائرة الجزائرية في طريقها إلى الوصول، لنقل غالي من إسبانيا، لكنها لم تتلقى أي رد من المغرب ينبئ بأنه يقبل الأمر . إلى أن جاءها الجواب الرافض الذي اعتبر أن نقل غالي عبر طائرة جزائرية رسمية “غير مقبول ” ،لأن الطائرة طبية رئاسية تجعل نقل زعيم الجبهة على متنها ” قريبا من إعطائه صفة رئيس دولة”،و يجب أن يرجع غالي باعتباره مجرد أجنبي.
حينها حاولت الديبلوماسية الإسبانية إقناع المغرب لكن كان موقفه ثابتا، مؤكدا على أن الخروج بهذه الطريقة لن يعيد إلا الفوضى.
وفق “أوك دياريو” فقد أخبرت مدريد الجزائر بعد ساعتين من استعداد الطائرة المذكورة بإلغاء العملية. و رغم رفض الجزائريين إلا أن رد الإسبان كان حاسما “عليها أن تعود أدراجها”. و هو ما أثار غضب الجزائريين.
و بالفعل تم إحباط دخول الطائرة الجزائرية إلى إسبانيا بعد وصول الطيار إلى المجال الجوي الإسباني في رأس جزيرة فورمينتيرا و تلقيه اتصالا من مركز التحكم في بالما دي مابوركا، يقضي برفض دخوله: “يجب أن تستدير و تعود إلى قاعدتك”.
في ذات الوقت كانت إسبانيا تبحث عن حل يرضي جميع الأطراف مع ضرورة عودة إبراهيم غالي إلى الحزائر ، ووفقا للشروط التي أقامها المغرب. وكان الحل المقترح هو إرسال طائرة طبية مدنية لغالي، لكن الجزائر لم تكن تملك طائرة بهذا الشكل، و هو ما دفع بإسبانيا للجوء إلى شركة” إيرليك” الفرنسية، و التي اعتادت نقل المدنيين الفرنسيين الأثرياء من أفريقيا.
وافق المغرب على هذا الخيار لكن بشرط آخر و هو أن يغادر غالي و كأنه “مُرَحَّل” و دون أي موافقة رسمية من الإسبان.
و بعد ساعات قليلة من الانتظار المتوثر، و في الساعة ل11 و 41 دقيقة من مساء الثلاثاء، دخلت طائرة فرنسية قادمة من مطار بوردو إلى الأجواء الإسبانية باتجاه مطار بامبلونا، حيث كان ينتظر إبراهيم غالي لمدة ساعة لمغادرة إسبانيا بعد 44يوما تميزت بتشنج العلاقات بين مدريد و الرباط، و جعلت “أرانشا غونزاليس لايا” وزيرة الخارجية الإسبانية المرشحة الأولى لمغادرة الحكومة.
و بذلك سجل المغرب انتصارا جديدا على أعدائه حسب “أوك دياريو”.