24 ساعة _ متابعة
كشف تقرير حديث للبنك الدولي أن معدل فقر التعلم في المغرب يناهز 66 في المائة، ما يعني أن أكثر من نصف الأطفال المغاربة لا يمكنهم قراءة نص مناسب لأعمارهم وفهمه وهم في سن العاشرة.
وسجل التقرير الحامل لعنوان “النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلمها-مسار للحد من فقر التعلم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، الصادر يوم الثلاثاء المنصرم، أن معدل فقر التعلم يؤدي إلى قصور في تعلم معظم الأطفال وإعاقة تقدم البلاد في مجال تكوين رأس المال البشري.
وبحسب التقرير، فإن الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا) يتعلمون القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى المعاصرة في المدرسة التي تختلف عن طريقة تحدثهم مع ذويهم في المنزل، بحيث تبقى خبرة الأطفال مع اللغة العربية الفصحى المعاصرة محدودة قبل بلوغهم سن السادسة.
وكشفت معطيات البنك الدولي أن نسبة الأطفال المغاربة الذين لم يصلوا إلى مستوى الإتقان في سن متأخرة بالمرحلة الابتدائية تجعل المملكة في مرتبة متأخرة مقارنة بالبحرين وقطر والإمارات والسعودية وعمان، فيما تسجل أعلى نسبة في اليمن بحوالي 95 في المائة.
ويتجلى من أرقام التقرير أن 67 في المائة من الأطفال في المغرب لا يستطيعون الإجابة بشكل صحيح عن سؤال واحد من أسئلة فهم المقروء، كما يسجل المغرب معدلات دنيا في مواظبة أولياء الأمور على قراءة الكتب لأطفالهم قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية.
وأوضحت المعطيات أن 21 في المائة من أولياء الأمور في المغرب لم يتكلموا مطلقا أو بشكل شبه مطلق مع أطفالهم في مرحلة الروض عن أشياء فعلوها، مقابل متوسط عالمي قدره 4 في المائة، كما أن 35 في المائة منهم لا يتكلموا مع أطفالهم عما قرؤوه، و51 في المائة لم يشاركوهم ألعاب الكلمات بشكل مطلق.
أما بخصوص تشجيع الأطفال على المواظبة على القراءة من خلال المكتبات المدرسية، أظهرت معطيات البنك الدولي أن نسبة الأطفال المغاربة الذين التحقوا بمدرسة بها مكتبة جيدة التجهيز لم تتعد 9 في المائة، كما لم يطلب من 64 في المائة من الأطفال المغاربة قراءة كتب خيالية طويلة ذات فصول، مقابل 18 في المائة كمتوسط عالمي.
ولمعالجة هذه المشكلة، اقترح خبراء البنك الدولي اعتماد الالتحاق ببرامج التعليم الرسمية في مرحلة الطفولة المبكرة مثل مرحلة ما قبل المدرسة لتطوير مهارات القراءة والكتابة، كما يمكن اتخاذ إجراءات هادفة مثل توفير بيئة لغوية ثرية، والتعرض المبكر للغة الفصحى، والتدريس عالي الجودة الذي يعتمد على علم تعلم القراءة ويستثمر التداخل بين الفصحى والمفردات العامية.
وأكد التقرير أن النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى مساعدة الأطفال على الانتقال من مرحلة “تعلم القراءة” إلى مرحلة “القراءة للتعلم” من خلال إجراءات عدة، أبرزها وضع أهداف محددة وقابلة للقياس الكمي لنواتج تعلم الأطفال للغة العربية على الأمدين القصير والطويل بدعم من صناع القرار.
ولاحظ خبراء البنك الدولي أن الأطفال يعانون من نقص في مرح التعلم والسهولة في طرح الاستفسارات اللازمة لإشراكهم بشكل كامل في تعلم القراءة والكتابة، ويُعد المعلِّمون أنفسهم نتاج الأسلوب غير الفعّال في تعليم اللغة العربية وغالبا لا يشعرون بالراحة في استخدام العربية الفصحى كوسيلة للتدريس، وينطبق ذلك على الكثير من معلّمي اللغة العربية.
وتضمنت توصيات البنك الدولي ضرورة تحديد السمات والمفردات المشتركة بين اللغة الفصحى المعاصرة واللهجات العربية العامية وتوظيف ذلك لمد جسر يمكن الأطفال من الانتقال من العامية إلى تعلُّم الفصحى، وزيادة تعرّض الأطفال للغة الفصحى المعاصرة، لا سيما المفردات والوعي الاشتقاقي، مبكرا وبطرق جذابة.
ويتطلب المشكل وضع معايير تفصيلية للترقي في القراءة بناءً على علم تعلم القراءة، مع توفير موارد عالية الجودة للتعليم والتعلُّم (من بينها الموارد الرقمية)، وأدلة إرشادية للمعلمين وتطويرهم مهنيا (والأخذ بيدهم حتى يتقنوا المطلوب)، والتقييمات التشخيصية.
وورد ضمن التوصيات، ضرورة إعادة النظر في برامج إعداد معلمي اللغة العربية الجامعية (قبل التعيين) وبرامج التطوير المهني لهم (أثناء الخدمة) لإضافة أصول تدريس اللغة العربية، وتعزيز الخبرات العملية التدريسية، والتخطيط لتعلُّم الطلاب على نحو فعّال.
في نفس السياق، اقترح التقرير التأكد من امتلاك كل مدرسة لبرنامج قوي لتعليم اللغة العربية في الصفوف الأولى، مع تخصيص وقت كاف لذلك، والتوفيق بين مسؤوليات مديري المدرسة، ودعم المعلمين، وتحديد المتعثرين في القراءة ودعمهم بإجراءات تدخلية مبكرة ومراقبتهم.