محمد الغول
بمناسبة مشروع القانون الذي يستهدف تشجيع الأطباء الأجانب على العمل بالمغرب ، و هو مشروع قانون من وجهة نظري مر في صمت ولم يحض بالنقاش المجتمعي الذي يستلزمه مشروع من هذا النوع ، و الأسئلة التي يتطلب طرحها ؛ هل نحن فعلا محتاجين للأطباء الأجانب ؟ ، في وقت يهاجر فيه الأطباء المغاربة بالمئات كل عام ؟ ، لماذا يرفض الطبيب المغربي العمل بالمغرب ؟ و خاصة في المناطق القروية و كيف وصلنا إلى هذه المرحلة التي تجعل المجتمع ينظر ( أقله ) بعدم رضى كبير إلى الطبيب المغربي ؟ و كيف تحول جزء كبير من الأطباء المغاربة إلى مجرد مقاولين يسعون إلى الربح السريع ؟ في تجاهل تام لرسالة مهنتهم الإنسانية؟ .
بداية كمواطن مغربي أعتقد أنه من الأولى البحث عن الحلول المغربية- المغربية ، بالسعي في إقناع الأطباء المغاربة بالبقاء في وطنهم ؟ و طبعا هذا لا يكون بالثرثرة الفارغة ، بل يتطلب من الدولة بذل مجهود مادي أولا و معنوي ثانيا ، فليس كل الأطباء المغاربة يهاجرون بحثا عن المال فقط ، جزء منهم وعلى غرار كل المهاجرين المغاربة ، يبحثون عن الكرامة أولا ، و ضرورة تحسين ظروف العمل بتوفير آليات و مواد و تجهيزات العمل المناسبة ، على الأقل في حدودها الدنيا ، ثم هناك الجانب القانوني ، و أعود هنا إلى مقترح وزير الصحة السابق و الذي أقام عليه الدنيا ولم يقعدها ، و لكنه في الحقيقة مقترح جيد جدا في الوضعية المغربية ، فرض مدة زمنية من العمل في المجال القروي عند التخرج على كل طبيب ، في احترام كامل لكرامته المادية و المعنوية.
القوانين الواضحة و الصارمة كفيلة بتغير كثير من الممارسات اللأخلاقية في هذا الميدان الذي بدون أخلاق يضيع فيه الجميع الطبيب كما المواطن ؛ الدولة عليها كذلك بذل مجهود مادي من خلال تحسين الأجور و تحفيز الطاقم الطبي المغربي … هذه الأشياء و أخرى وسط نقاش مجتمعي واضح وصريح ستخلق فرزًا وسط الأطباء ( أغلبية أتمناها ) ستتحمل عبئ المهنة التي اختارتها عن اقتناع و تعمل على تغير واقعها في هذا الوطن، و تسد هذا الشرخ المجتمعي الذي يتسع يوميا بين الأطباء و باقي المجتمع ، و فئة ثانية ( أقلية أتمناها ) ستبحث عن الربح و هذا حقها فقط يجب التعامل معها بصرامة القانون لا بغيره ، و كلامي هذا ينطبق على القطاع الخاص طبعا ؛ بعد كل هذا يمكننا أن نناقش هل فعلا ، نحتاج أطباء أجانب أم لا ؟ ، أما تمرير هذا القانون بهذه الطريقة، فهو إجحاف في حق الطبيب المغربي ، لأنه يضع الجميع في خانة واحدة ، خانة التسيب و عدم المسئولية والأنانية المادية و هذا غير صحيح طبعا ، فهناك نماذج منيرة للطبيب المغربي معرفة و أخلاقا كما هناك صور مسيئة كذلك ، لكن مسئولية الدولة و القوانين في التعامل مع هذا الوضع ، تبقى قائمة ، و مشروع قانون جذب الطبيب الأجنبي مجرد هروب إلى الإمام ، قد لا يغير الكثير في واقع هذا القطاع.