في تحليل بسيط حول دور ومكانة المؤسسات الإجتماعية في الدعم والمواكبة للشباب ونظرتهم إلى هذا الكم الهائل من المراكز متنوعة الأهداف والإختصاصات سواء الحكومية أو المدعومة من قطاعات وهيئات تهتم بالتنمية المستدامة وطنيا أو دوليا حيث تبين أن الحسابات السياسية والشخصية بين أطر هذه المؤسسات القت بضلالها على اغلبية المشاريع المبرمجة وادخلت البرامج والأهداف المسطرة في دوامة ، هذه المؤسسات التي كان يرجى منها ان تعطي قفزة نوعية في حقل الخدمات الاجتماعية باتت الة تستهلك ولاتنتج ، لا سيما و أن الجهات المانحة أعطت إمكانيات مهمة لهذه المؤسسات وزودتها بالوسائل اللوجيستيكية والمالية, بهدف النهوض بالأوضاع الإجتماعية والثقافية والفنية للشباب إلا أن سوء التدبير وغياب النجاعة والتجربة ساهمت بشكل مباشر في عرقلة الأهداف الكبرى الرامية إلى التنمية ، هذه العقليات تطرق لها الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش 2017 ،عندما قال أن كل الظروف والموارد البشرية والمؤسساتية موجودة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الإرادة الجادة، وفي كثير من أمورها إلى تغيير عقلياتها التي لم تعد صالحة في مغرب اليوم كما تطرق كذلك ملك البلاد في خطابه امام نواب الأمة في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان ، لوضعية الشباب الذي مازال يعاني الكثير من التحديات سواءا من حيث نسب البطالة و الإقصاء و التهميش إذ يجب حسب ملك البلاد وضع برنامج تنموي للتكوين و التشغيل و إعادة هيكلة نظام التربية و التكوين .
من هنا يتبين أن الملك حدد في خطابه لمعضلتي المسؤولية والتنمية إذ أن الخطب الملكية نسقية بحيث يمكن تسجيل الترابط الواضح بين مضامين خطاب العرش 2017 وخطاب افتتاح الدورة التشريعية في هذا الإتجاه حيث وضع المشهد أمام خيارين الأول متعلق بإعادة النظر في محددات العمل و تغيير العقليات والإلتزام والثاني متعلق بحدوث زلزال سياسي قادر على إحداث متغيرات استراتيجية في المشهد العام وسجل إعترافا بقوة جيل الشباب وتأثيرهم قدم الراهن و المرهون في المشهدين السياسي والتنموي وجاء معبرا عن تطلعات المواطنين والشباب خاصة،كما انه ترجم حجم التدهور في الميدان الاجتماعي والسياسي ولذلك فالملك من موقعه أعلن رفضه الإستمرار بذات السياسات التي دفعت للوضع الراهن.
فهل استوعب إدا هؤلاء الساهرين على هذه المؤسسات الإشارات القوية لملك البلاد في خطاباته.. !!
ففي رأيي الشخصي أرى أن نجاح أي مشروع اجتماعي لابد للقائمين عليه أن تستوفي فيهم شرطين أساسيين:
أولا: علم الاجتماع وثقافة التطوع، فالمؤسسة الإجتماعية لابد وأن يكون القائمون بها مستوعبين لذلك، وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه، حتى المؤسسة العملية كالعائلة حيث تربى الأولاد، لابد وأن تعرف كيفية التربية، وإلا كان مصير الأولاد الموت أو المرض، إن قصرت في إنماء الجسد، أو الانحراف إن قصرت في إنماء الروح.
ثانيا: التجرد من الذات والتشبع بقيم المواطنة الحقة وعدم اعتبار العمل الاجتماعي مجرد عمل يتقاضى فيه الفرد راتبا في اخر الشهر، حيث أن المؤسسة لا تعيش في فراغ بل وسط ارتباطات، فإذا لم تراع تلك الارتباطات غاب التقدم على المؤسسة، فكما يلزم علم الاقتصاد على المؤسسة الاقتصادية كذلك يلزم عليها علم الاجتماع وإلا فكيف تتكامل الصورة بين علم الاجتماع، وعلم السياسة، إذا ستتحطم المؤسسة بالتقلبات السياسية، وهكذا.
إذا لم يواكب القائمون على السير العام للمؤسسة كل هذه التقلبات تراجعت المؤسسة وأحياناً تفككت واندثرت، حال ذلك حال المدرس إن كان متأخراً في العلم عن مستوى التلاميذ اللائق بهم، انفض التلاميذ من حوله، فالمؤسسة السياسية ـ مثلاً ـ إذا لم تساير العصر [بمقاربة تشاركية مثلاً في العصر الحاضر] سقطت عن الاعتبار، وانفض من حولها مرتادوا السياسة، إلى مؤسسة عصرية أخرى، تعطيهم متطلبات العصر.
فدور المؤسسات الاجتماعية واضح ومفهوم ،هوعبارة عن جماعة من الناس يبنون العمل المنظم، لأجل هدف خاص، سواء كان الهدف الهدم أو البناء، لكن كل هدف هدمي لابد وأن يتطلع إلى هدف بنائي وراء ذلك الهدم، والمساهمة في التنمية من خلال تقوية وتمكين المجتمع المدني والفاعلين به، في بناء وتقوية القدرات وتنمية المهارات والتدريب بمختلف المجالات التنموية كالتخطيط الاستراتيجي وصياغة البرامج والمشاريع التنموية وتنفيذها وتوسيع المشاركة الشعبية فيه ،دون إغفال المساهمة في رسم السياسات والخطط العامة على المستويين الوطني والمحلي، من خلال مقاربة تشاركية مع اقتراح البدائل والترافع عليها أو التأثير في السياسات العامة لإدراج هذه البدائل فيها، وتحقيق أهدافه والتشبع بالمواطنة الحقة فالوطن ليس جبة نلبسها وقتما نريد ، ونخلعها حين ما نريد ، الوطن ليس مجرد تراب ورمال وأشجار وأحجار ، الوطنية تتعزز أكثر بحب خدمة التنمية والتي تتضمن كل الواجبات من التطوع وروح المسؤولية مع الالتزام واحترام سيادة القانون ، نحب البلاد كما لم يحبها أحد عند الصباح وبعد المساء ويوم الأحد ولو أبعدونا وشردونا لعدنا غزاة لهذا البلد.