24 ساعة ـ متابعة
دعا المشاركون في الجلسات العلمية للندوة الدولية التي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالعاصمة النيجيرية أبوجا، حول “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ”، إلى تكثيف الجهود من أجل صيانة هذا التراث وحفظه، وذلك عن طريق تكثيف التعاون بين الدول الإفريقية في هذا المجال.
في هذا الإطار قال الشيخ أبو بكر الزبير مبوانا، مفتي جمهورية تنزانيا ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بتنزانيا، إن التراث الإفريقي المخطوط يحتاج إلى مؤسسات تتولى العناية به، داعيا إلى تكاثف الجهود وتعزيز التعاون بين البلدان الإفريقية للتعريف بتراثها الإسلامي وصيانته وتوفير آليات حفظه وصيانته.
ولفت المتحدث إلى أن هذه العملية ليست سهلة وتتطلب صبرا وعملا مسترسلا، “لأن أرض الحضارة الإسلامية تعرضت للغزو الثقافي”، مبرزا أن العلماء الأفارقة قدموا خدمة كبيرة للتراث الإسلامي، ما ساهم في حفظ ذاكرة الشعوب القارة، وترسيخ الوعي الثقافي بأهمية الحضارة الإفريقية.
وقدّم محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، جملة من التوصيات لحفظ التراث الإسلامي المخطوط، إذ دعا إلى تنظيم ورشات عمل وحلقات دراسية لتحقيق المخطوطات والوقوف عند النوادر منها وإخراجها إلى الوجود، وإبرام اتفاقيات مع مراكز البحث والهيئات العلمية المعنية بالتراث.
مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية دعا كذلك إلى نشر الذخائر وتحقيقها متى توافرت الأسباب والشروط المادية اللازمة، بناء على أولويات مراكز البحث والمختصين، وتشكيل لجان يعهد إليها إخراج المخطوطات، سواء لتحقيقها أو إعادة تحقيقها، وترجمة ما يظهر أنه مفيد للباحثين والمختصين إلى اللغات الحية واللغات الإفريقية الأكثر استعمالا خدمة للذاكرة الإفريقية والثقافة الإسلامية.
وشدد الفران على أهمية التراث الإسلامي الإفريقي، باعتباره “حجة على بعض المستشرقين الذين ينكرون البعد الإسلامي للثقافة والحضارة الإفريقية”، مشيرا إلى أن “المستشرقين الذين حاولوا دراسة ثقافة إفريقيا دائما ما يحاولون الفصل بينها وبين الحضارة الإسلامية لطمس ومحو المرجعية الثقافية الموحَّدة والموحِّدة بين دول وشعوب القارة”.
في هذا الإطار قال الشيخ عبد العزيز كيبي، أستاذ التعليم العالي بجامعة داكار بالسنغال، إن أوروبا “كانت تنظر إلى إفريقيا كمنقطة لا يمكن أن تنهض من التخلف”، مشددا بدوره على تجذر الحضارة الإسلامية في القارة الإفريقية منذ القرن السابع، وعلى أن “المجتمعات الإفريقية تحولت إيجابيا وتطورت بفضل اعتناقها للإسلام”.
علاقة بذلك، قال أحمد الشكري، أستاذ التعليم العالي بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، إن الإسلام “انتشر في الساحل بيسر وبطريقة سلمية”، مبرزا أن نشر الثقافة العربية الإسلامية واجه بعض الصعوبات، لكن ذللتها الجهود التي بذلها نخبة من العلماء في المنطقة على مدى قرون من الكتابة والتأليف في مختلف الحقول المعرفية للثقافة الإسلامية”.
مهدي الحاج معاذ، عميد كلية الآداب بالجامعة الإسلامية بالنيجر، عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بالنيجر، استهل مداخلته التي كانت تحت عنوان “أوعية التراث الإسلامي الإفريقي: الكتب والمكتبات والمدارس والزوايا”، بالحديث عن النفائس التي تحتضنها خزانات الكتب في المغرب.
وقال معاذ إن ما تضمه مكتبات المغرب وخزائنه العامة والخاصة من مخطوطات يبين أن المغرب غني في هذا المجال، كما وكيفا، حيث تحتوي مكتباته على كنوز من المخطوطات لا توجد في بلد آخر، معتبرا أن غنى المغرب بالمخطوطات ليس بالأمر الغريب، لأنه جمع بين حضارة المشرق والأندلس.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن العلاقات التاريخية بين المغرب وإفريقيا كانت قائمة منذ زمن بعيد، لكن التطور الحقيقي لهذه العلاقات كان مع إنشاء الزاوية التيجيانية بمدينة فاس، لافتا إلى أن أتباعها من إفريقيا “يعبرون عن وفائهم وإخلاصهم للدولة العلوية الحسنية”