أسامة بلفقير – الرباط
كشف وزير الصحة والحماية الإجتماعية خالد ٱيت الطالب أن “جواز التلقيح” لم يُعتَمد ليكون تَقْيِيدِياً، بل على العكس من ذلك، إذ شدد على أن هذه الوثيقة الرّسمية ستلعب دوراً محورياً في السّماح للأشخاص الذين تمّ تلقيحهم باستئناف حياة شبه طبيعية، مشددا على أن المنطق الاحترازي يقتضي تخفيف الإجراءات على مُجتمع الملقّحين الذين أصبحوا يُشكّلون اليوم الغالبية العظمى ببلادنا.
وأورد وزير الصحة والحماية الإجتماعية في جوابه عن أسئلة برلمانية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء 02 نونبر الجاري، أن اعتماد “جواز التّلقيح”، في هذه الفترة من السّنة، يرمي إلى تحفيز الأشخاص غير الملقّحين على الإسراع بتطعيم أنفسهم بعد معاينة البُطْء الذي شاب الحملة في الآونة الأخيرة، والحماية من البؤر الوبائية التي قد تطفو على الأحداث من جديد، والاستعداد لفصل الشتاء الذي يعرف انتشارا أكبر للموجات الفيروسية الجديدة.
وشدد على أن المعادلة الأساسية اليوم، في سياق خطورة جائحة كوفيد-19 وتهديدها للحقّ في الحياة، تتمثّل في أهمية التّوفيق بين ضرورات حماية الصّحة العامّة وضمانات الحقوق، وأساساً تجنّب انتهاك الحقّ في الصّحة الذي من شأنه أن يؤدي حتما إلى انتهاك باقي الحقوق الأخرى.
وفي تعقيبه على الجدال الفقهي القانوني الذي أعقب إقرار “جواز التلقيح” كوثيقة للتّنقل والولوج والجولان، قال وزير الصحة والحماية الإجتماعية إن قرار السّلطات العمومية كان يستند إلى المقتضيات التي يُبِيحُها تطبيق حالة الطوارئ الصّحية، ذلك أنّ المرسوم بقانون رقم 2.20.292 (بتاريخ 23 مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، سيما وقد أعلنت المنظمة العالمية للصّحة، في وقت سابق من العام الماضي (وتحديداً بتاريخ 30 يناير 2020)، “حالة طوارئ الصّحّة العامة” على النّطاق الدّولي بسبب الجائحة، ودعت الحكومات تبعاً لذلك إلى اتخاذ خطوات عاجلة وأكثر صرامة للتّعامل مع الجائحة، نظراً للمستويات المقلقة للانتشار وشدّته.
وتحدث خالد ٱيت الطالب على مقاصد الشّريعة الإسلامية التي تدعو إلى الحفاظ على النّفس باعتبارها أمانة، وجَعَلَت إنقاذ النّفس حقّاً لكلّ فرد، وذلك بالوقاية من الأمراض والأسقام قبل حدوثها وبالتداوي بعد حدوثها، وأكّدت ذلك البُعد المصلحي الذي يتماشى مع القواعد الجوهرية للشّريعة التي تحثّ على الأخذ بالأسباب، وإزالة الضّرّر واختيار أهون الضّريين أو أَخَفّ الشّرين وتقديم المصلحة العامّة على المصلحة الخاصّة، وإقرار مسؤولية الفرد على نفسه.
وأشار إلى مذكرة اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشّخصي التي أكدت أنّ انتشار استخدام الجواز الصحي كأداة لمراقبة الولوج، لا يهدف إلى تقييد حركة المواطنين، وإنّما “إلى تشجيع حركة مسؤولة يمكن أن تقوم بتعزيز الصحة العمومية والشروط الأساسية لإنعاش النشاط الاقتصادي على نطاق واسع ومواكبة تنقل المواطنين والمقيمين في المغرب على الصعيد الوطني والدولي”.
كما سرد وزير الصحة والحماية الإجتماعية في معرض رده على أسئلة المستشارين البرلمانية في الغرفة الثانية جملة من الاعتبارات التي تُسعِف في فهم دواعي قرار إعتماد “جواز التلقيح”، حيث أكد أن المغرب ليس بمنأى عن انتكاسة وبائية أخرى، خصوصا بعد التّطوّر المُلفت والتّهديد الخطير الذي عرفه الوباء بعدد من البلدان في الآونة الأخيرة، حيث قال إن بلادنا اضطرّت إلى تعليق الرحلات الجوية معها، كما أنّ العديد من بلدان العالم لم تتمكّن من الحصول على حاجياتها من اللّقاح. لذلك، وعلى غرار الدّول التي تُشدّد على اتخاذ مزيد من الاحتياطات لمنع الانفجار الوبائي بها، فالمواطنات والمواطنين مَدعُوّون إلى الإقبال على مِنصّات التلقيح الموضوعة رهن إشارتهم طيلة أيام الأسبوع وإلى ساعات متأخرة من الّليل، وتحميل جواز تلقيحهم، فذلك هو خيارنا الذي لا مَحِيدَ عنه اليوم في ظلّ عدم وجود دواء لعلاج الفيروس، يورد خالد ٱيت الطالب.
وشدد على أن بلادنا بعدما ظلت وحتى اليوم متحكّمة في الوضعية الوبائية، فلا مناص لنا في فترة ما من التَّوَقُّف وتثمين المجهودات المبذولة عبر اتخاذ خطوة حاسمة لتَحصِين الجهود والتّضحيات الجماعية التي بُذلت لاحتواء الوباء، وصَوْن كلّ المُكتسبات التي تحققت، مشددا على أن الإجراء الدّاعي إلى اعتماد وثيقة “جواز التلقيح”، قراراَ رصيناً ومتوازناً بَدَلَ المُجازفة غير المحسومة المخاطر والتي قد تُؤدّي بنا لا قدّر اللّه إلى التّقهقر والعودة إلى تشديد القيود من جديد والإغلاق وارْتِهَان المنظومة الصّحّية للمجهول، كما حصل مؤخّراً في عدد من الدّول بآسيا وأوروبا.