24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
اعتبر الباحث محجوب البرش السباعي أن خطاب الملك محمد السادس ، الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة عيد المسيرة الخضراء بمناسبة لذكرى السادسة و الأربعون، يأتي بعد السنة الثانية من حسم ملف الصحراء بشكل نهائي بالانتصار في معركة الكركرات و توالي الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية على الصحراء بفتح القنصليات في العيون و الداخلة. و آخرها قرار مجلس الأمن 2602 الذي جدد الثقة في مقترح الحكم الذاتي و بتمديد مهمة بعثة المينورسو لمدة سنة أخرى.
وأوضح السباعي أن الخطاب الملكي جاء في مناسبة وطنية محورية تتميز بالتحرشات و الاستفزازات الجزائرية التي ابتدأت باتهام المغرب بالتجسس عليه بواسطة برمجية بيغاسوس، و بإشعال الحرائق في الغابات، و دعم استقلال منطقة القبايل بدعم الحراك الشعبي الجزائري، و آخر الاتهامات هو قصف شاحنتين في منطقة بئر الحلو بالصحراء المغربية. قصف شاحنتين بسلاح متطور هو آخر الاتهامات التي صدر بشأنها قرار رئاسي بمعاقبة المغرب عسكريا، بعد سلسلة من القرارات من قبيل منع الطائرات المغربية و التي تحمل ترقيم مغربي من دخول المجال الجوي الجزائري و قطع انبوب الغاز الذي كان يمر من المغرب. و لا بد من التأكيد في هذا الإطار أن الخطاب الملكي تجاهل بشكل تام الاستفزازات الجزائرية.
و أضاف البرش أن عددا من المراقبين كانوا ينتظرون أن يقدم الخطاب الملكي إجابات شافية على الأسئلة الحارقة خاصة في ظل تمسك المملكة بعدم الرد بالمثل او إصدار بلاغات بشأن التحرشات و الاستفزازات الجزائرية التي تتزايد بمباركة من قصر المرادية.
داخليا، يؤكد الباحث، يعتبر خطاب المسيرة الخضراء بالذكرى 46، هو الأول بعد انتخابات الثامن من شتنبر و تشكيل حكومة جديدة مشكلة من إتلاف حكومي ثلاثي .
ذات المتحدث ، أكد أن الخطاب الملكي أبرز مكتسبات قضية الصحراء، بحيث أعاد التنويه بتأمين معبر الكركرات مع الشقيقة موريتانيا، و الاعتراف الدولي بفتح أكثر من 24 قنصلية شكلت مسارا مثمرا و هادئا في قضية الصحراء المغربية. و قد استعمل الملك كلمة الهدوء في مقابل الجعجعة و الجلبة التي تخلفها الاستفزازات الجزائرية. كما جدد الملك تقديره للموقف الرائد للولايات المتحدة الأمريكية باعترافها بسيادة المملكة المغربية على الصحراء. مؤكدا أن التوجه الأمريكي يعزز بشكل لا رجعة فيه العملية السياسية لإرساء حل نهائي ، مبني على مبادرة الحكم الذاتي، في إطار السيادة المغربية.
على غرار الموقف الأمريكي، يؤكد محجوب البرش ، أن الملك عبر بكلمات صريحة أن المغرب ينتظر من شركائه، مواقف أكثر جرأة ووضوحا، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهي مواقف ستساهم في دعم المسار السياسي، ودعم الجهود المبذولة، من أجل الوصول إلى حل نهائي قابل للتطبيق.
و بخصوص المفاوضات و المائدة المستديرة، يؤكد الباحث المحجوب البرش السباعي، أن الملك جدد في خطابه انخراط المملكة في العملية التفاوضية منوها بالامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس و بمبعوثه الشخصي في قضية الصحراء دي ميستورا.
النهج الصريح لخطاب المسيرة الخضراء في الذكرى 46 لم يفوت الفرصة ليوضح أن المغرب لا يتفاوض على صحرائه. ومغربية الصحراء لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات، وإنما نتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي، لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
و عليه، يؤكد الباحث محجوب البرش السباعي، أن جلالة الملك جدد تأكيده على تمسك المغرب بالمسار السياسي الأممي، كما جدد التزام المغرب بالخيار السلمي، وبوقف إطلاق النار، ومواصلة التنسيق والتعاون، مع بعثة المينورسو، في نطاق اختصاصاتها المحددة. و المقصود هنا دون تدخلها في حقوق الانسان.
وأكد ذات المتحدث أنه و علاقة بالتنمية التي يقوم بها المغرب في الصحراء المغربية، أوضح جلالة الملك محمد السادس ان المغرب لديه شركاء صادقون يستثمرون في الصحراء إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة. و هو اعتراف اقتصادي لا يقل أهمية عن الاعتراف السياسي بمغربية الصحراء.
أما أصحاب المواقف الغامضة و المزدوجة، يقول جلالة الملك، فلن يقدم لهم المغرب أي فرصة للاستثمار الاقتصادي بالصحراء المغربية. معللا قراره بأنه من حق المملكة المغربية أن تنتظر من شركائها مواقف أكثر وضوحا.
و بخصوص التمثيلية الشرعية لساكنة الصحراء، يضيف الأستاذ البرش، فقد أكد جلالة الملك أن المجالس المنتخبة، بأقاليم وجهات الصحراء المغربية، بطريقة ديمقراطية، وبكل حرية ومسؤولية، هي الممثل الشرعي الحقيقي لسكان المنطقة. و بهذا، فإن قضية الصحراء تشكل دينامية و جوهر الوحدة الوطنية للمملكة.، وهي قضية كل المغاربة، وهو ما يقتضي من الجميع، كل من موقعه، مواصلة التعبئة واليقظة، للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية، وتعزيز المنجزات التنموية والسياسية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية.