أسامة بلفقير – الرباط
بتوجس وترقب كبيرين، تراقب عدد من دول الاتحاد الأوروبي تحركات المغرب في ملعب القارة، بعد سلسلة لقاءات “استراتيجية” عقدها وزير الخارجية ناصر بورطة مع دول من وسط أوروبا، وفي بريطانيا التي غادرت الاتحاد. لقاءات أسفرت عن توقيع اتفاقيات، من شأنها خلخة التعاطي الأوروبي مع المغرب.
آخر التحركات كانت في بريطانيا. فقد عقد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والوزيرة البريطانية للشؤون الخارجية، ليز تراس، أمس الأربعاء بلندن، الدورة الثالثة للحوار الإستراتيجي بين المغرب والمملكة المتحدة.
في المباحثات التي جمعتهما، جدد الوزيران التأكيد على رؤيتهما المشتركة حيال إرساء شراكة استراتيجية بين البلدين، من خلال تعزيز الحوار السياسي، تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني، والنهوض بالعلاقات البشرية والثقافية.
وفي هذا السياق، اعتمد الجانبان إعلانا سياسيا مشتركا بين المغرب والمملكة المتحدة، ووقعا قرارين يتعلقان بإنشاء الآليات الرئيسية لاتفاقية الشراكة الجديدة المغرب-المملكة المتحدة، المبرمة بين البلدين في العام 2019، وهي مجلس ولجنة الشراكة. كما قاما بتشكيل لجنة فرعية مكلفة بالتجارة، الاستثمار، الخدمات، الفلاحة، الصيد البحري، الجوانب الصحية وتلك المتعلقة بالصحة النباتية والجمارك. والتزم الجانبان، أيضا، بمواصلة التنسيق القائم بينهما في مكافحة جائحة “كوفيد-19” وتغير المناخ.
كما أجرى السيد بوريطة نقاشات مثمرة مع وزير الدولة المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية الدولية بالمملكة المتحدة، السيد جيمس كليفرلي.
ولم تغب قضية الصحراء المغرب عن لقاءات بوريطة. فقد جددت المملكة المتحدة، التأكيد على دعمها للقرار رقم 2602 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يرحب بجهود المغرب “الجادة” و”ذات المصداقية” من أجل تسوية النزاع حول الصحراء المغربية.
وأكدت المملكة المتحدة، في بيان مشترك، صدر عقب انعقاد الدورة الثالثة للحوار الإستراتيجي المغرب-المملكة المتحدة، وذلك بين الوزيرة البريطانية للشؤون الخارجية، ليز تراس، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على دور الأمم المتحدة “المحوري” في مسلسل تسوية هذا النزاع.
من جهة أخرى، أشاد الجانبان بتعيين المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستوار، وجددا دعمهما الكامل لجهوده من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع الذي عمر طويلا.
هذه الرسائل من شأنها تثير قلق بعض العواصم الأوروبية، وعلى رأسها برلين ومدريد، من أجل إعادة النظر في شراكتها مع المغرب. فإذا كانت الرباط تنتصر دائما لروح الشراكة الاسترايجية مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العضو فيه، فإنها في نفس الوقت لا يمكن أن تنفض الغبار عن بعض الشراكات التي لا تنتصر لمنطق “رابح-رابح”، فالأحرى أن تكون مدخلا للضرب في السيادة الوطنية كما يحصل على مستوى بعض هيئات الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى ابتزاز المغرب.
مشكلة بعض دول الاتحاد الأوروبي أنها لم تضبط معطيات التاريخ والتحولات الكبيرة التي يعيشها العالم، ويعرفها المغرب أيضا. فالمملكة أًبحت اليوم تتعامل ندا للند، تدافع عن مصالح باستماته وفي احترام تام لسيادة الدول، وهو الأمر الذي يجب أن تتعامل به أيضا باقي الدول، بدل أن يمارس بعضهم في الخفاء ممارسات تقوض أسس الشراكة.