لا يختلف اثنان بأن التعليمات الملكية السامية، للمجلس الأعلى للحسابات، شكلت منعطفا جديدا، لتطوير العلاقة التي تربط بين السلطة والشعب، من أجل دعم أهداف التنمية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بغية النهوض بمستوى تطلعات المواطنين.
فلا يخفى عليكم أن أغلب الجماعات والمجالس المنتخبة عرفت تسيبا في التسيير الإداري والمالي ، وذلك راجع بالأساس إلى غيابالاضطلاع عن قرب على حسابات وتتبع كل جماعة على حدة حيثمن المرتقب أن تطلعاللجنة المشكلة من قضاة المجلس الأعلى للحسابات على تدبير جل المرافق بالجماعات وفي جل المجالات من كهرباء وماء وصحة وتعليم وثقافة وتشخيص الوضع الاجتماعيوالاقتصادي هي كلها قطاعات حيوية، وهي مناسبة للتشخيص والمحاسبة على واقع حال الجماعات بالمملكة. لأن هذا المنعطف، يتماشى مع المقاربة الجديدة بربط المسؤولية بالمحاسبة ويندرج في إطار الخطوات الجريئة التي أقدم عليها عاهل البلاد في مختلف الميادين.وأنها لتؤكد أيضا الإرادة الصادقة في الاحتكاك المباشر بقضايا المواطنين ورعاية مصالحهم…إلا أن هذا المفهوم الجديد بقدر ما يحتاج إلى ميثاق تشاركي لتجسيده على أرض الواقع، فإنه بالمقابل يواجه مجموعة من الاكراهات المتمثلة في غياب التجانس والتواصل بين بعض الجهات التي يلقى على عاتقها مسؤولية تدبير الشأن المحلي.
وهذا ما سيتبين من خلال الزيارات التي ستقوم بها اللجنة، لمجموعة من الجماعات من أجل افتحاص المالية والصفقات المبرمة بحضوررؤساء الجماعات وأيضا رؤساء المصالح الداخلية والخارجية، قصد الوقوف على الاشكالات والاختلالات التي تعاني منها، مع حث المسؤولين على وضع برنامج تنموي وبذل قصارى جهدهم لخدمة الصالح العام والإنكباب على قضايا وانتظارات المواطنين، لكي تسير الأمور في الاتجاه الصحيح بهدف ترسيخ سياسة القرب والمقاربة التشاركية.
وبدون شك، فزيارات المجلس الأعلى للحسابات تأتي في سياق تطوير الميثاق الجماعي الجديد، لمواكبة متغيرات الحياة السياسية، وأفق انتظار المواطن الذي يتوق إلى إصلاح إداري شامل يواكب كل التطورات التي جاء بها الميثاق الجماعي الذي أصبح في خبر كان في أغلب المجالس بالمغرب.
حيث تعيش أغلب الجماعات على مستوى التدبير منالعديد من المشاكل والإختلالاتو التي تساقطت كأوراق الخريف، و تختلف حسب اختلاف القطاعات نذكر من اهمها:
ـ اعطاء الأولوية للبنية التحتية الأساسية بكل الجماعات وفك العزلة عن باقي دواوير الجماعات.
ـ الكهربة القروية و مد بعض المؤسسات والدواوير بالماء الصالح للشرب.
ـ تأهيل مؤسسات الاجتماعية بالوسائل اللوجستيكية و الموارد البشرية.
ـ المشاكل المتعلقة بالمراكز الصحية، و غياب الأطر الطبية اللازمة لسد الخصاص الحاصل.
ـ بطاقة رميد والمشاكل المترتبة عنها،وإعطاء تعليمات لأعوان السلطة في ذلك.
ـ علامات التشوير بالعالم القروي التي تحمل دلالات تندرج ضمن التعريف بالمنطقة.
ـ التعريف بأهمية المنتجات التي تتميز بها الجماعات.
ـ مشاكل الأراضي السلالية.
ـمحاربة الهدر المدرسي، و تشجيع التمدرس عبر حافلات النقل المدرسي.
ـ الاهتمام بالشباب و خلق فضاءات لصقلمواهبهموإبرازها.
ـ دور المرأة القروية في تحدي عقبة الفقر عبر خلق تعاونيات انتاجية.
ـ الاهتمام بالفضاءات المدرسية و انفتاحها على محيطها الخارجي.
ـ دعم القطاع الفلاحي وتقوية قدرات الفلاحين، وتشجيع مبادرات الشباب بالجماعات.والاهتمام بالصناعة التقليدية التي تتمتع بها جل الجماعات، والحفاظ على الخصائص المحلية لكل جماعة على حدة...الخ.فضلا عن مجموعة من الجماعات على امتداد الخريطة الجغرافية للمغرب يعرف تسييرها مجموعة من المشاكل والعراقيل التي أصبحت مسرحا لها وتتجسد غالبا في الاستغلال البشع للملك العمومي، والتطاول على المال العام، وإبرام الصفقات عن طريق نهج سياسة الوجاهة والزبونية والمحسوبية، وكذا غض الطرف عن البناء العشوائي.علاوة على الخروقات المتعلقة بالاعفاء عن رخص السكن، واستغلال سيارات الجماعات من طرف العائلات والمقربين و استعمال المفرط في البنزين…الخ.
كل هذه الأشياء لن تتحقق إلا بتظافر الجهود بين كل القوى الحية على المستوى الوطني والجهوي والاقليمي من اجل النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في اطار مقاربة تشاركية شمولية.
ولا شك أن هذه الأشياء تفرض، مرة أخرى، ضرورة التعجيل بتنفيذ وتطبيق سليم لبنود الميثاق الجماعي، وتفعيل توصيات المناظرة المتعلقة بالجماعات المحلية، إذا كانت هناك طبعا إرادة حقيقية في التغيير والإصلاح، نظرا لأهمية المؤسسات في الحياة اليومية للمواطن ودورها في تحقيق التنمية المستدامة خدمة لصالحه.