24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
يعتبر الموقف الذي عبرت عنه الحكومة الإسبانية، يوم أمس الجمعة، والذي يعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية، موقفا تاريخيا وحاسما، أبرز ويبرز صلابة و قوة مواقف المملكة المغربية، وايمانها العميق بعدالة قضيتها المتعلقة بوحدتها الترابية، تحت قيادة الملك محمد السادس، الذي ظل دوما و في كل مناسبة يؤكد أن قضية الصحراء المغربية ليست قضية حدود بقدر ماهي قضية وجود.
كما يبرز الموقف الاسباني المعبر عنه في رسالة بعثها رئيس الحكومة الإسبانية “بيدرو سانشيز” للملك محمد السادس، نجاح وقوة الدبلوماسية المغربية ونجاح المسار الدبلوماسي المغربي،المتوج بإعلان الولايات المتحدة اعترافها بالسيادة الكاملة للمغرب على صحراءه ، على غرار بلدان الجامعة العربية ودول الخليج ، بالإضافة إلى افتتاح أكثر من عشرين قنصلية في مدينتي العيون والدخلة.
كما يمكن التأكيد في ذات السياق، الى ان موقف مدريد لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة ما ظلت المملكة المغربية، تنادي به دوما، من خلال الخطب الملكية للملك محمد السادس ، الذي ظل دوما ينادي بضرورة تعزيز سبل التعاون بين المملكتين لما فيه خير الشعبين الجارين اللذان تجمعهما قواسم تاريخية وحضارية قديمة وعريقة.
وهكذا وفي خطاب له بمناسبة بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لعيد المسيرة الخضراء، اكد الملك محمد السادس، في شهر نونبر الماضي ” إننا نتطلع ، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ، ومع رئيسها معالي السيدبيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة ، في العلاقات بين البلدين ، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل ، والوفاء بالالتزامات.”
ولم تمر ستة أشهر على هذا الخطاب الملكي القوي في مضموه , والذي حمل رسائل مباشرة للجارة الشمالية بضرورة ان تغير من سياساتها و تفتح بالتالي صفحة جديدة في علاقاتها مع المغرب، حتى استجابت مدريد، معترفة بشرعية حل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب من أجل إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو القرار المنسجم مع ما جاء في ذات الخطاب الملكي الذي قال فيه العاهل المغربي مؤكدا “إننا نعتز بالقرار السيادي ، للولايات المتحدة الأمريكية ، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه . وهو نتيجة طبيعية ، للدعم المتواصل ، للإدارات الأمريكية السابقة ، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية . فهذا التوجه يعزز بشكل لا رجعة فيه ، العملية السياسية ، نحو حل نهائي ، مبني على مبادرة الحكم الذاتي ، في إطار السيادة المغربية . كما أن افتتاح أكثر من 24 دولة ، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة ، يؤكد الدعم الواسع ، الذي يحظى به الموقف المغربي ، لا سيما في محيطنا العربي والإفريقي”
ينضاف الاعلان الاسباني بشرعية الموقف المغربي من صحرائه الى النجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، والتي تعتمد على مواقف معقلة ومتوازنة، وتختار المسار المناسب واللائق بها بكل استقلالية وقناعة ذاتية، وهذا ما جلب عليها تهجمات غير مبررة من طرف من لم يستوعبوا بعد ان المملكة اتخذت لنفسها مسارا خاصا بها، مقتنعة به كل الاقتناع، محافظة به على حياديتها و استقلاليتها ومصالحها، وهذا ما عبر عنه الملك أيضا في خطاب له بمناسبة الذكرى 68 لذكرى ثورة الملك والشعب شهر غشت الماضي، حيث أكد على أن ” هناك من يقول بأن المغرب يتعرض لهذه الهجمات ، بسبب تغيير توجهه السياسي والاستراتيجي ، وطريقة تعامله مع بعض القضايا الدبلوماسية ، في نفس الوقت . هذا غير صحيح .المغرب تغير فعلا ، ولكن ليس كما يريدون ، لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا .وفي نفس الوقت ، يحرص على إقامة علاقات قوية ، بناءة ومتوازنة ، خاصة مع دول الجوار . وهو نفس المنطق ، الذي يحكم توجهنا اليوم ، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا ”
أيضا يمكن اعتبار الموقف الاسباني المعبر عنه، الاكثر أهمية وتقدما مقارنة ببقية المواقف الأروبية من قضية الصحراء المغربية ، بالنظر الى كون المملكة الإسبانية هي القوة الاستعمارية السابقة لمنطقة الصحراء المغربية، وبالتالي فان موقفها يعتبر أكثر حجية و أهمية من بقية المواقف المعلنة، بما في ذلك موقف ألمانيا ، التي كان رئيسها ، قد أكد رسالة موجهة إلى جلالة الملك ، نصره الله ، قد أكد أن بلده ” يعتبر مخطط الحكم الذاتي المغربي الذي تم تقديمه سنة 2007 بمثابة جهود جادة و ذات مصداقية من قبل المغرب وأساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق ” بشأن النزاع المفتعل.
كما يمكن اعتبار الموقف الاسباني المعبر عنه بكل الوضوح الممكن، أنه يضع كل من الجزائر وصنيعتها البوليساريو في الزواية، ويعزلها عن بقية السياقات الدولية التي بدأت تتغير وتتبدل نحو الأجدى والانفع، بعيدا عن لغة الشعارات والتنابزات، بحيث أن الموقف الاسباني يغلق الباب امام الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية اللتان طالما وجدتا في مدريد واحة امان يمارسان فيها شعوذتهما السياسية والتي كان اخرها دخول الزعيم الانفصالي الى الاراضي الاسبانية بهوية مزورة، وبالتالي فان الموقف الاسباني المعبر عنه يعتبر نقطة نهاية لتلك الممارسات المبنية على النفاق واالكذب وازدواجية المواقف، ليكون الأمر بمثابة انتكاسة كبيرة لأعداء الوحدة الترابية المغربية.
هي مرحلة جديدة قد تكون بمثابة بداية النهاية لهذا النزاع المفتعل، بحيث وعلى راي الخبير الشيلي في مجال حقوق الإنسان خوان كارلوس موراغا فإن رسالة بيدرو سانشيز تشكل “مرحلة مهمة، ليس فقط من أجل تحسين نهائي للعلاقات بين البلدين، ولكن أيضا لتحقيق سلام نهائي في الصحراء، في إطار مقترح الحكم الذاتي، المقدم من طرف المغرب للأمم المتحدة”.