24 ساعة – متابعة
قال سفير سويسرا بالمغرب، غيوم شيرر، أمس الثلاثاء بالرباط ، إن المغرب، أرض الإسلام، يتميز بتعايش سلمي “ملحوظ” بين الديانات.
جاء ذلك في افتتاح لقاء حول “الحوار ما بين الديانات، أولوية اجتماعية للقرت الواحد والعشرين” نظمتها أكاديمية المملكة المغربية بشراكة مع أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، والسفارة السويسرية في المغرب، في سياق الاحتفاء بمئوية فتح أول قنصلية للاتحاد السويسري بالمغرب.
وأبرز شيرر في كلمة له خلال افتتاح هذا اللقاء الذي أطره هنسبورغ شميد، المدير المؤسس للمركز السويسري الخاص بالإسلام والمجتمع وأستاذ الأخلاقيات الدينية والعلاقات الإسلامية المسيحية بجامعة فريبورغ، أن “المسلمين والمسيحيين واليهود أبانوا عن قدرة كبيرة على التسامح والتعايش بالمغرب، وهو أمر ماكان ليحدث دون التمتع بدرجة عالية من النضج سواء على مستوى السكان أنفسهم أو بفضل التلاحم بين المؤسسات والشعب”.
وأشار الدبلوماسي السويسري خلال هذا اللقاء الذي ينظم في إطار سلسلة ندوات حول “ابتكار وقضايا العصر”، إلى أن التعايش بين الديانات السماوية الثلاث بالمغرب يشكل نموذجا لنمط تعيش فيه الإنسانية في وئام.
وبعد أن أبرز أن حضور المحاضر، هنسبورغ شميد بالرباط يشكل فرصة لتسليط الضوء على الجوانب الأساسية للحوار بين الأديان، شدد السفير على أن سويسرا والمغرب، يفخران بهويتهما الدينية والثقافية المتعددة، ويعرفان كيفية إظهار انفتاح كبير وقدرة على قبول الاختلاف وتقبل الآخر في بساطته وتعقيده، وهو ثراء، بحسبه، “يقودنا إلى التعددية”.
من جهته، شدد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، على ضرورة الحوار بين الأديان في وقت يواجه فيه العالم المعاصر تحديات اجتماعية واقتصادية وكوارث بيئية معقدة للغاية، مع ما تطرحه من إشكاليات من شأنها أن تتسبب في انهيار القيم والمجتمعات.
وأشار إلى أن الحوار يتعلق بشكل أساسي بترسيخ ثقافة احترام التنوع والتعددية كوسيلة للتواصل بين الأفراد والمجتمعات ، مذكرا في هذا الصدد بخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2019 بمناسبة استقبال قداسة البابا فرنسيس، حيث أكد جلالته أنه “من الواضح أن الحوار بين الديانات السماوية، يبقى غير كاف في واقعنا اليوم.. في وقت تتغير فيه النماذج ، في كل مكان وفي كل شيء ، يجب أن يتطور الحوار بين الأديان أيضا”.
وبحسب لحجمري ، فإن “الحديث عن الحوار الديني ليس رفاهية فكرية عابرة، لكنه، بالأفعال والأقوال، هو الطريقة الوحيدة والممكنة، في ما يتعلق بكل ابتكارات الإنسان على مختلف المستويات ، لمعالجة أي خلل في العلاقة والتفاهم ، حتى لا يفقد مساره في مواجهة تحولات الحضارة المعاصرة ومظاهرها التي عفا عليها الزمن مع التحولات التكنولوجية والبيئية المتسارعة “.
وخلال هذا اللقاء ، الذي عرف حضور خبراء وأكاديميين ومؤرخين وباحثين مرموقين ، ركز المحاضر هنسبورغ شميد على مزايا الحوار التي تتمثل في تجاوز الكراهية والاحكام المسبقة، ومد الجسور وخلق رأسمال اجتماعي كمساهمة في تحقيق السلم وضمان إشعاع إعلامي لصور الصداقة والتفاهم.
كما تناول شميد، وهو مؤلف للعديد من الدراسات والمقالات العلمية، تحديات الحوار من خلال التساؤل بشكل خاص حول طريقة تدبير الخلافات وتأصيل الحوار مع الأخذ بعين الاعتبار التجارب المحلية، داعيا إلى توسيع وتعميق الحوار بين الأديان مع التوجه المجتمعي والأخلاقي.
كما تطرق المتحدث، الذي تتمحور أبحاثه حول الأخلاق السياسية من منظور مشترك بين الأديان وحول المسلمين في أوروبا، إلى قضايا المواكبة الروحية في سياق الطب والعلاج، والتجاوز غير العنيف للنزاعات والمسؤولية البيئية