سناء الجدني – الرباط
انطلقت بجامعة الأخوين بإفران، صباح اليوم السبت، أشغال الدورة الثانية من ربيع العلوم الاجتماعية، التي تخصص موضوعها هذه السنة ل”الهجرة والعلوم الإنسانية: الديناميات الهجروية وتحديات التعددية الثقافية”، وذلك بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وبحضور نخبة من الأساتذة والباحثين في مختلف تخصصات العلوم الاجتماعية.
وأكد عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في كلمة افتتاحية، أن الهجرة ظاهرة تجمع مختلف التخصصات العلمية وتعرف تدخل كافة الفاعلين في المجتمع سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وبالإضافة إلى كونها ظاهرة اجتماعية، فهي ظاهرة تؤثر على ما يقع عليها من أحداث.
وأوضح الخبير المغربي في مجال الهجرة وتحولاتها، أن الهجرة فرضت نفسها بقوة مع الأحداث الأخيرة في أكرانيا، إذ أثرت أمواج اللاجئين والنازحين بسبب الحرب ليس فقط على الدول الحدودية مع أكرانيا بل على مجمل الدول الاوروبية، وأدت إلى تحولات جذرية في مواقف مجموعة من الجهات والشخصيات في تصوراتها للهجرة، حيث أصبح العرق واللون والانتماء محددات لاستقبال أو رفض المهاجرين وليس بناء على الموقف المبدئي أو الانساني.
وتوقف بوصوف على التحولات التي تعرفها دول حضور الهجرة المغربية وصعود خطابات معادية للمهاجرين وللتنوع والتعدد الثقافي، وتعتبر أن الثقافة والهوية الخاصة للبلد هي ما يضمن ازدهاره واستقراره وليس الانفتاح على ثقافات أخرى، وهو ما يطرح تحديات على الأجيال الجديدة المنحدرة من أصول غير أوروبية لكنها ولدت وترعرعت في الثقافة والمجتمع الاوروبيين بهوية مزدوجة، كما يجعلها أكثر قدرة على الدفاع عن التعدد والتنوع داخل تلك المجتمعات وتمتلك الأدوات المعرفية والتقنية للتعبير عن رأيها.
وأشار الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج إلى الديناميات الهجروية المغربية الجديدة التي فرضتها جائحة فيروس كوفيد19، ومن ذلك مسألة التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة نحو المغرب، والتي حققت أرقاما قياسية على الرغم من مرور العالم بأزمة، مما طرح مجموعة من التساؤلات التي تقتضي دراسات في العلوم الاجتماعية من أجل فهمها وتحليلها.
كما شكلت مسألة نقل الجثامين نحو المغرب تحولا غير متوقع فرضته تداعيات الجائحة والإجراءات الوقائية التي اتخذتها جميع الدول من بينها إغلاق الحدود الجوية، وبالتالي عدم قدرة أفراد الجالية المغربية على دفن ذويهم في المغرب، وهو ما استدعى تدخل المؤسسات المغربية لتقديم الدعم للجالية المغربية من أجل إجراءات الدفن في المقابر الأوروبية التي تتطلب أثمنة مرتفعة لا تغطيها شركات التأمين المتخصصة في نقل الجثامين إلى المغرب.
كما استعرض الدكتور بوصوف عددا من الديناميات الجديدة في الهجرة على الصعيد المفاهيمي الدولي، والتي تتطلب أيضا انخراط للباحثين في العلوم الاجتماعية في الجامعات المغربية لفهم عمقها وإيجاد الإجابات المعرفية للتعامل معها، منوها بتنظيم هذا الملتقى الذي يشارك فيه ثلة من الباحثين المغاربة في العلوم الاجتماعية، ويشكل فضاء للنقاش والتبادل خول مختلف القضايا المطروحة على العلوم الاجتماعية.
وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة من ربيع العلوم الاجتماعية التي سير أطوارها، الدكتور عبد الرحيم العطري، كلمات افتتاحية لكل من عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، جمال الدين الهاني، وعبد الكريم مرزوق عميد الشراكة والتعاون بجامعة الأخوين بإفران، وكذا عميد كلية التربية بالرباط عبد اللطيف كيداي.