24 ساعة ـ متابعة
من المرتقب أن يتم خلال شهر رمضان الأبرك ، عرض فيلم “وشمة”الذي تم انتاجة سنة 1970 بعدد من المدن المغربية وبحضور مخرجه حميد بناني ، بمبادرة من المعهد الفرنسي بالمغرب.
و يعتبر الفيلم بمثابة البداية الإبداعية الحقيقية للسينما بالمغرب على مستوى الأفلام الروائية الطويلة. بالنظر الى كونه فائزا بجائزة التانيت البرونزي بمهرجان أيام قرطاج السينمائية سنة 1970، كما يعتبر قيمة فنية أكثر من غيره من أفلام الستينيات ومطلع السبعينيات.
نجاح الفيلم يعود الى الى تظافر جهود ثلة من المبدعين المتميزين في إنجازه. فقد أخرجه حميد بناني انطلاقا من سيناريو كتبه بنفسه وساعده في ترجمة حواراته من الفرنسية إلى العربية الدارجة المبدع المسرحي محمد تيمود، وأشرف على تصويره محمد عبد الرحمان التازي بمساعدة محمد السقاط، ووضع له الموسيقى التصويرية كمال دومينيك إيلوبوا (من وجدة)، واضطلع بمهمتي السكريبت والمونطاج أحمد البوعناني، الذي تكلفت زوجته نعيمة سعودي بالملابس والماكياج، وشخص أدواره الرئيسية ممثلون محترفون من أشهرهم آنذاك عبد القادر مطاع ومحمد الكغاط ومحمد حماد الأزرق والعربي اليعقوبي وخديجة مجاهد بالإضافة إلى الطفل توفيق دادة ومجموعة من الهواة.
كما يعتبر الفيلم ثمرة جهود أربعة سينمائيين مغاربة أسسوا شركة “سيكما 3” وهم: حميد بناني ومحمد عبد الرحمان التازي ومحمد السقاط وأحمد البوعناني، وساعدهم في الإنتاج مدير المركز السينمائي المغربي آنذاك عمر غنام ووزارة الأنباء والسلطات المحلية بمكناس وناحيتها والفيدرالية المغربية لنوادي السينما برئاسة المحامي عبد الحق العلمي.
يحكي فيلم “وشمة” قصة أب محافظ وعنيف يتمادى في عقاب ابنه مسعود الذي كان يحب اللعب مع أقرانه بدل الاهتمام بدراسة القرآن الكريم في المسجد العتيق بالبادية، وفجأة يمرض الأب ويموت، ثم تفشل الأم في تربية الابن العاق، ليدخل هذا الابن بسبب عقده النفسية وسوء تربيته واندفاعه وسلوكه المتهور إلى عالم الانحراف، فتكون نهايته درامية.
المبدع والمخرج حميد بناني هو من مواليد مدينة مولاي ادريس زرهون بضواحي مدينة مكناس عاصمة السلطان مولاي إسماعيل، وقد ولد في بداية الأربعينيات من القرن الماضي، ثم سافر بعد دراسته للفلسفة بجامعة محمد الخامس بالرباط وتخرجه منها سنة 1963 إلى العاصمة الفرنسية باريس للالتحاق بالمعهد العالي للدراسات السينمائية العليا، حيث حصل منه على ديبلوم تخصص إخراج.
شغل حميد بناني- وهو أيضا كاتب سيناريو وممثل- لدى عودته إلى المغرب منصب رئيس مصلحة العلاقات الخارجية بالإذاعة والتلفزة المغربية، وهو المنصب الذي غادره مبكرا، فقد قضى فيه سنتين فقط من سنة 1968 إلى غاية 1970، ليتفرغ للكتابة والإخراج السينمائي والتلفزيوني.
اشتغل بناني في بداية مسيرته الفنية -مثل غيره من المخرجين- على الفيلم القصير، وقد شكل له احتكاكا وتدريبا قويا على ولوج تجارب سينمائية قوية في المستقبل، على اعتبار أن الفيلم القصير في بعض الأحايين أقوى من الفيلم الطويل من حيث اختزال الفرجة السينمائية وتركيزها، ومعالجة مواضيع مهمة في قوالب فنية أكثر اختصارا وتأثيرا.