لا يزال المدعو ديفيد غوفرين، رئيس مكتب الاتصال الاسرائيلي بالمغرب، ينتحل صفة ”سفير دولة إسرائيل بالمغرب”، رغم أن المؤسسات الرسمية للمملكة كانت واضحة بشأن صفته الدبلوماسية، حيث قطع الشك باليقين، بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية، يوم السبت 16 ابريل الماضي. حين أكد، وهو يعبر عن ”الإدانة الشديدة والاستنكار القوي” لاقتحام قوات الأمن الاسرائيلية للمسجد الأقصى؛ إلى تبليغ ذلك مباشرة إلى رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، حيث لم يذكره ذلك البلاغ بصفة ”سفير” على عكس ما يدعيه المعني بالامر.
وقام ديفيد غوفرين بـ ”انتحال” صفة سفير من جديد عندما اجرى مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، نشرت أمس الخميس 12 ماي الجاري، بل ذهب أبعد من ذلك وحاول تغليط الرأي العام الإسرائيلي، حين قال إن ”القضية الفلسطينية ليست في قلب الأجندة العامة في المغرب”.
وبهذا الادعاء الكاذب يكون هذا الدبلوماسي قد اساء لعموم المغاربة الذين يعتبرون القضية الفلسطينية قضية جوهرية و مسؤولية تاريخية، ولملكهم محمد السادس الذي يترأس لجنة القدس، والذي أكد غير ما مرة أن موقف المملكة المغربية الداعم للقضية الفلسطينية ”ثابت لايتغير”، وأن هذا الموقف ”قد ورثه عن والده المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه” (مقتطف من بلاغ للديوان الملكي، بعد أن أجرى الملك محمد السادس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني في دجنبر من سنة 2020).
كما أن المغرب جدد التأكيد، شهر ماي من السنة الماضية، “الموقف الثابت والواضح للمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، وتشبثه بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف”. (بيان لرئاسة الحكومة المغربية).
غير أن غوفرين، في مقابلته مع الصحيفة العبرية الشهيرة، كان له رأي آخر، حين زعم أن ”القضية الفلسطينية ليست في قلب الأجندة العامة في المغرب”، وأن الاهتمام ينكب على ”الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وفي السياسة الخارجية على قضية الصحراء”؛ وبهذا يكون رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية بالرباط، قد حشر نفسه، مرة أخرى، في الشأن الداخلي للمملكة، في خرق سافر للأعراف الدبلوماسية المعتادة.
وأضاف المنتحل لصفة “سفير”، بنبرة تحمل نوعا من السخرية، ان المغاربة ”يريدوننا هنا، إنهم يحبوننا وهم يحتضنوننا …”، مشددا على أن موضوع ” الفلسطينيين لا يطغى على العلاقات الاسرائيلية المغربية، بل يطرح نادرا، وغالبا في أوقات الأزمات”.
واختبأ المعني بالامر وراء صفة ناشط سياسي مغربي ومدافع عن حقوق الإنسان، ”لا يريد الكشف عن هويته”، ليقول إن الاشتباكات الأخيرة بين الاحتلال الاسرائيلي والفلسطينيين، جراء مقتل الصحفية في قناة ”الجزيرة”، شيرين أبو عاقلة، لها تأثير فقط على المستوى الإعلامي، لأن أغلب المغاربة، حسب زعمه، يتعاطفون مع القضية الفلسطينية.
وقال غوفرين إن الأمور ستعود إلى طبيعتها بين الرباط و ”القدس” بعد ”شغب الفلسطينيين”، كما وقع في عملية ” حارس الجدار”، في إشارة إلى شن إسرائيل عمليات موسعة على قطاع غزة السنة الماضية.
ولم تسلم وسائل الإعلام المغربية، هذه المرة من هجوم غوفرين، وقال إن الرأي العام المغربي يتلقى المعلومات و الاخبار، باللغتين الفرنسية والعربية، و الكثير منها بالعربية و تحمل ”أكاذيب واستفزازات”، واصفا ما تنقله وسائل الإعلام الوطنية بأنها ”تقارير وأخبارا كاذبة”.