24 ساعة- و.م.ع
يعد مشروع تعميم الحماية الاجتماعية ورشا حقيقيا مخصصا لجميع المغاربة يعكس بأكثر من طريقة الاهتمام الخاص الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس للقضايا الاجتماعية ولتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
ويسير هذا الورش المجتمعي الكبير، الذي أطلقه جلالة الملك، بخطى ثابتة، وذلك بفضل التعبئة الجماعية حول هذا المشروع متعدد الأبعاد وانخراط جميع الإدارات والجهات الفاعلة المعنية، بهدف تحقيق تعميم فعال للحماية الاجتماعية على جميع المواطنين في أسرع وقت ممكن.
ومن خلال تعبئة تمويلات هامة، وإحداث إطار تشريعي مناسب وإطلاق مشروع إصلاحي لهيكلة النظام الصحي الوطني مؤخرا، تم استيفاء جميع الشروط لنجاح هذا الورش الذي يمثل نقطة تحول حاسمة على مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمكانية.
– النظام الصحي: نحو مراجعة شاملة
مما لا شك فيه أن توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين الإجباري عن المرض (22 مليون مستفيد إضافي خلال عامي 2021 و2022) يتضمن إصلاحا شاملا للنظام الصحي، تم توضيح معالمه خلال مجلس الوزراء برئاسة جلالة الملك في 13 يوليوز الماضي.
وشهد هذا المجلس تقديم مشروع قانون إطار متعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، تم إعداده تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لمراجعة المنظومة الصحية لتكون في مستوى ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أمر به صاحب الجلالة.
ويستند مشروع الإصلاح الهيكلي هذا على أربع ركائز أساسية، أولها اعتماد حكامة رشيدة تروم تعزيز آليات تنظيم عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الصحية والتخطيط الترابي للعرض الصحي على جميع المستويات (الإستراتيجية، والمركزية والإقليمية).
وعلى المستوى الاستراتيجي، ينص هذا الإصلاح على إنشاء هيئة عليا للصحة ووكالة للأدوية والمنتجات الصحية ووكالة للدم ومشتقاته.
ويتعلق المحور الثاني بتنمية الموارد البشرية، لا سيما من خلال صياغة قانون الوظيفة العمومية الصحية، بهدف تحفيز الرأسمال البشري في القطاع العام، والحد من النقص الحالي في الموارد البشرية، وإصلاح التكوين، بالإضافة إلى الانفتاح على المهارات الطبية الأجنبية وتشجيع الكفاءات الطبية المغربية المقيمة بالخارج على العودة لممارسة المهنة في بلادهم.
وتتمثل الركيزة الثالثة في رفع مستوى العرض الصحي من أجل تلبية تطلعات المغاربة من حيث تسهيل الوصول إلى الخدمات الطبية وتحسين جودتها والتوزيع العادل لخدمات المستشفيات في جميع أنحاء التراب الوطني.
أما المحور الرابع، فيتعلق برقمنة النظام الصحي، من خلال إنشاء نظام معلوماتي متكامل لتجميع ومعالجة واستغلال المعلومات الأساسية المتعلقة بالمنظومة الصحية.
وكان وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أكد في هذا الصدد أن “مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية سيسمح بمعالجة كافة الجوانب والمشكلات التي يعاني منها النظام الصحي”.
– التأمين الإجباري على المرض للفلاحين: ورش في المسار الصحيح
وقد تم التعجيل بمشروع تعميم التغطية الصحية لصالح الفلاحين، بفضل توقيع أربع اتفاقيات شراكة، بهدف تسريع تفعيل هذا النظام.
وأكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “تعميم الحماية الاجتماعية هو عامل مساهم ومسرع لوصول جزء كبير من الأسر ذات الدخل الفلاحي إلى الطبقة الوسطى، وهذا يتماشى تمام ا مع الاستراتيجية الفلاحية “الجيل الأخضر 2020-2030، والتي تعطي في ركيزتها الأولى الأولوية للعنصر البشري وتضع تطوره في صلب معادلة التنمية”.
وحسب الوزير، فإنه على المستوى التقني، أنشأت وزارة الفلاحة بتعاون وثيق مع الشركاء المؤسساتيين ومهنيي القطاع الفلاحي، نظاما مخصصا يهدف إلى مرافقة تنفيذ ورش الحماية الاجتماعية.
وقد أتاح تفعيل هذه الآلية إمكانية اتخاذ تدابير تتعلق على وجه الخصوص بإعداد عناصر التسعير، وطرق تبادل البيانات بين الشركاء والتواصل وتوعية الفلاحين لضمان التزامهم بالبرنامج.
وستتيح تغطية AMOالتأمين الإجباري على المرض للفلاحين، وخاصة صغار الفلاحين، ولأسرهم (الأزواج والأطفال) بالاستفادة من نفس الرعاية التي يوفرها نظام التأمين الصحي للموظفين الذي يديره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأوضح الوزير أنه “في ما يتعلق بالمزايا بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص، بما في ذلك الفلاحين، يضمن الانخراط في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض دفع جزء من التكاليف وتسديدها مباشرة لمقدمي العلاجات، ولا يدفع العامل المستقل سوى الجزء المتبقي على نفقته”.
– التمويل: ركيزة أساسية
وبالنظر إلى أبعادها المتعددة المتعلقة بالحفاظ على كرامة المغاربة، ودعم قوتهم الشرائية واندماج القطاع غير المهيكل، فإن تعميم الحماية الاجتماعية سيتطلب تمويلا كبيرا لتنفيذها في أفضل الظروف.
وسيعبئ هذا المشروع مبلغا بقيمة 51 مليار درهم سنويا، مقسمة بين التأمين الإجباري الأساسي على المرض الذي سيكلف تعميمه 14 مليون درهم، والتعويضات العائلية (20 مليار درهم)، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد (16 مليار درهم) وتعميم الولوج إلى التعويض عن فقدان الشغل (1 مليار درهم).
إن أهمية هذا الورش وطابعه المبتكر، والذي يهدف إلى أن يكون ثورة اجتماعية حقيقية، قد أكسبته دعم العديد من مؤسسات التنمية متعددة الأطراف، مثل بنك التنمية الأفريقي، الذي وافق مؤخرا على تقديم 87 مليون أورو لتمويل برنامج دعم تعميم التغطية الاجتماعية بالمغرب.
ووفقا لبنك التنمية الافريقي فإن “الهدف الأساسي لهذه العملية هو توطيد أسس برنامج حماية اجتماعية قابل للتطبيق وفقا لنهج إقليمي لتطوير السياسات الاجتماعية، أكثر تكاملا وشمولا”.
ووفقا للمؤسسة المالية، سيسهم البرنامج في توسيع نطاق الحماية الاجتماعية، ولا سيما على فئة الأطفال والشباب وكذا العاملين لحسابهم الخاص.
ويتعين توسيع مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، والذي سيفيد في البداية الفلاحين والحرفيين ومهنيي الصناعة التقليدية والتجار والمهنيون ومقدمي الخدمات المستقلين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة (CPU) أو التابع لنظام المقاول الذاتي أو نظام المحاسبة، على أن يشمل في المرحلة الثانية فئات أخرى بهدف التعميم الفعال للحماية الاجتماعية على جميع المواطنين.
ويتضمن هذا المشروع الكبير 4 محاور رئيسية، وهي تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، في نهاية عام 2022، لصالح 22 مليون شخص إضافي سيستفيدون من تأمين يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
ويهم المحور الثاني تعميم التعويضات العائلية على7 ملايين طفل في سن التمدرس، بينما المحور الثالث يتعلق بتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد لتشمل ما يقرب من 5 ملايين شخص من الساكنة النشطة التي لا تتوفر على حق التقاعد. أما المحور الرابع، فيتعلق بتعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة المغاربة الذين يتوفرون على شغل قار