24ساعة- يوسف المرزوقي
تعيش مخيمات تندوف، في الجنوب الغربي للجزائر، على وقع احتقان غير مسبوق، عقب تمرد فصائل يقودها القيادي في جبهة ”البوليساريو” محمد لمين ولد البوهالي، ضد زعيم الجبهة إبراهيم غالي، بعد اعتقال الأخير لنجل البوهالي في قضية حيازة مخدرات.
وكشفت مصادر عليمة أن الاحتجاجات المندلعة؛ منذ أمس الجمعة 04 غشت الجاري؛ خلقت فوضى عارمة داخل المخيمات، بعد قيام أفراد من قبيلة ولد البوهالي باغلاق مقر مايسمى “وزارة الدفاع”، ليتطور الأمر الى إطلاق للرصاص.
وأفادت المصادر أن محاكمة ابنِ ما يسمى قائد لواءِ الاحتياط ومسؤول ما يسمى لجنة الدفاعِ بالأمانة الوطنية محمد لمين البوهالي، بتهمة حيازة المخدرات إلى جانب اثنين من أصدقائه، وإدانتهم بـ15 سنة نافذة، وراء هذه الفوضى والاحتجاجات..
وقام محتجون من قبيلة ولد البوهالي بتوقيف سيارة تابعة لما يسمى “الدرك” بعد استفزازهم، الأمر الذي دفع بصاحب السيارة الى اطلاق النار على المحتجين، كما هاجم أبناء عمومة الشخص المدان الذين ينحدرون من قبيلة الركيبات لحسن أوحماد، مقر ما يصطلح عليه بـ وزارة الدفاع الوهمية، فيما دخل والده مقر الأمانة العامة لجبهة ”البوليساريو” وهو في حالة هيستيرية من أجل البحث عن ابراهيم غالي الذي هرب من المكان عقب توتر المشهد طالبا من المتواجدين هناك الاتصال به للحضور.
في هذا الصدد يرى رئيس لمرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان بمدينة العيون محمد سالم عبد الفتاح ، في تصريح لـ ” 24 ساعة”، الاحتجاجات ذات الطابع القبلي التي تشهدها مخيمات تيندوف والتي يتزعمها القيادي العسكري في ”البوليساريو” محمد لمين البوهالي، تترجم ”حجم الخلافات العميقه التي تعصف بقياده البوليساريو”.
ويتوقع الناشط الصحراوي أن يتصاعد واقع الاضطراب والفوضى الأمنية في القادم من الأيام في مخيمات تيندوف نتيجة ”الترهل والتفكك التنظيمي التي تعيش على وقعه البوليساريو، خاصة مع تعدد وتضارب مراكز القرار فيها وضعف زعامتها السياسية في ظل احتراق صورة براهيم غالي منذ فضيحة تهريبه لاسبانيا”.
وقال إن هذه الاحتجاجات باتت تشكل عامل تهديد للأمن والإستقرار في المنطقة، بسبب الفوضى الأمنية والاضطرابات التي تشهدها مخيمات تيندوف، في ظل فشل الجبهة الانفصالية في التحكم وتدبير الأوضاع.
وأوضح أن هيئات أمنية وحقوقية و أيضا المراقبين والمهتمين بالوضع الحقوقي والإنساني بالمنطقة، يجمعون على ضرورة تفكيك مخيمات تيندوف باعتبار المخاطر الأمنية المتصاعدة فيها.
وشدد على أن استهداف القيادي العسكري في ”البوليساريو” من خلال اعتقال ابنه بتهمة المخدرات، سابقة من نوعها، رغم أن حالات مماثلة سبق وأن وقعت، حين تم ضبط أبناء وأقرباء قياديين في الجبهة في ملفات تهريب الممنوعات، لكن كان يتم التغاضي عنهم أو تهريبهم أثناء فترة التحقيق.
وأبرز محمد سالم عبد الفتاح أن ولد البوهالي الذي يتزعم هذه الاحتجاجات ذات الطابع القبلي كان يعد من الخلية الامنية الضيقة المحسوبة على الاستخبارات الجزائريه والمنتمية الى منطقه تندوف، والتي ظلت هي المتحكمة في ”البوليساريو” منذ سنوات التأسيس الأولى، ما يجعله من أهم المرشحين لخلافة براهيم غالي الذي احترقت زعامته بسبب فضيحة تهريبه الى اسبانيا بهوية مزورة، كما افتضح تورطه في جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي راح ضحيتها صحراويون في مخيمات تيندوف.
وأكد أن هذه الخلافات تفجرت عقب قرب موعد مؤتمر الجبهة وما يرافق ذلك من صراعات بين قيادات ”البوليساريو”، حول كعكعة المواقع التي تدر عليهم أرباحا طائلة، مرتبكة أساسا بتوزيع المساعدات الإنسانية والمحروقات الى جانب تدبير مخازن السلاح، فضلا عن المهام الامنية ذات العلاقة بالتعاطي مع عصابات التهريب، حيث تلجأ القيادات المتصارعة إلى توظيف العصبيات القبلية لأجل التحشيد، عصابات الجريمة المنظمة لذات الغرض.
وكشف المتحدث أن حرب التموقعات تلك، تدخل ضمن مصادر التزويد الرئيسي لأنشطة التهريب العابرة للحدود كما تشكل خطوط إمداد أساسيه بالنسبة للجماعات المسلحة المنتشرة في بلدان الساحل، ما يجعلها تساهم في تحصيل مداخيل معتبرة للصناديق السوداء التي تعتمد عليها الجبهة الانفصالية.
وأوضح في هذا الصدد أن ما يعمق تلك الخلافات بين قيادة البوليساريو هو وانعكاس صراع الاجنحة داخل النظام الجزائري على الوضع الامني في تيندوف حيث ترتبط جل العناصر القيادية في الجبهة الانفصالية بالأجهزة الامنية والعسكرية الجزائرية ويتم توظيفها من طرف تلك الاجهزة.
وأكد محمد سالم عبد الفتاح أن هذه الاصطدامات تبرز الوضع الامني المترهل في تندوف كما تكرس دور البوليساريو كعامل تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة باعتبار تصاعد المخاطر الأمنية في مخيمات تندوف وتغلغل الجماعات المسلحة وعصابات جريمة المنظمة فيها، فضلا عن الارتباط الوثيق بين عديد للمجموعات المتمركزة في بلدان الساحل والبوليساريو.