24 ساعة- محمد أسوار
كشر حزب العدالة والتنمية عن أنيابه تجاه الدولة، منذ الهزيمة القاسية التي تلقاها في انتخابات الثامن من شتنبر الماضي، وبعدها فشله الذريع في الانتخابات الجزئية، خصوصا في دائرة الحسيمة.
وصار الحزب الذي يستمد مرجعيته من الإسلام، يُمارس نوعا من النفاق، خصوصا في قضايا حساسة مثل القضية الفلسطينية، إن لم نقل نوعا من الابتزاز بمنطق ”السلطة أو المواجهة”.
هذه الازدواجية في المواقف، اتضحت جليا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة فلسطين، حيث الحزب الذي جلس إلى جانب المسؤولين الإسرائيليين لتوقيع معاهدة ”التطبيع” الأخيرة – وهو بالمناسبة الحزب الإسلامي الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي أقدم على ذلك – ليس هو العدالة والتنمية اليوم خارج السلطة.
بالأمس كانت قيادات حزب تجد ألف مبرر لجلوس العثماني، شهر غشت من سنة 2020، وانتشار صورته الشهيرة ممسكا بدفتر توقيع الاتفاقية وإلى جانبه مسؤولين إسرائيليين، فيما سارع بنكيران، الذي يعد أشهر شخصية في الحزب حينها، إلى مناصرة العثماني بقوله إن القرار ”سيادي”.
من جهتها عبرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أنذاك عن “دعمها الكامل للأمين العام، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، فيما يضطلع به من مهام كثاني رجل في الدولة، في إطار مسؤولياته الحكومية، بما يقتضيه ذلك من إسناد للملك في مسؤولياته السيادية، باعتباره رئيسا للدولة، وممثلها الأسمى، وضامنا لاستقلال البلاد، ووحدتها الوطنية، والترابية”.
اليوم لم يعد القرار ”سياديا”، وأصدر الحزب في ظرف أقل من يومين، خلال الأسبوع الماضي، بلاغين يحملان لهجة حادة، الأول باسم الأمانة العامة للحزب والثاني يعود للجنة العلاقات الخارجية لـ ”بيجيدي”، وقعه سفير معزول من منصبه، محمد رضى بنخلدون.
وتضمن الأول، الذي يحمل توقيع بنكيران، تنديدا لما وصفه ”عدوان همجي صهيوني” على قطاع غزة، معبرا عن موقفه ”الثابت والرافض للتطبيع”، وهنا يتضح جليا ازدواجية مواقف الحزب بين اليوم الأمس. بالأمس كان ” قرارا سياديا واليوم صار موقفا ثابتا”، إنه تناقض صارخ لا يمكن إخفاؤه كما لا يمكن إخفاء الشمس بالغربال.
من جهتها جاء بلاغ لجنة العلاقات الدولية لحزب المصباح، موجها إلى وزارة الخارجية، وهي من أبرز الوزارات السيادية في المغرب إلى جانب الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث انتقدت ما وصفته بـ “اللغة التراجعية لبلاغ وزارة الخارجية المغربية حول العدوان على غزة”، مستغربة ”مساواة البلاغ بين المحتل والمعتدي الإسرائيلي والضحية الفلسطيني”.
وأقحمت العدالة والتنمية نفسها في أمور سيادية – إن كانت لا زالت فعلا تؤمن بهذا المبدأ كما كان الأمر في السابق حين وجودهم على رأس الحكومة – عبر حديث البلاغ عن أن الهدف من تأسيس لجنة القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس، ”هو حماية القدس من المخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويدها”. قبل أن تعطي ما يشبه توجيهات لهذه اللجنة بأن تكون ”سباقة في الدفاع عن القدس وعن الأقصى المبارك”.
نفس اللجنة، استخفت بعقول المغاربة كما لو أن ذاكرتهم ذاكرة سمك، حين أكدت في بلاغها أن ”الحزب ما فتئ يعبر عن رفضه للتطبيع”.
أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أن ”جبن” العثماني وراء توقيعه اتفاق التطبيع، وهو أثار غضبا واسعا وسط شريعة واسعة من مناصري العدالة والتنمية حين وقع اتفاق التطبيع، بصفته رئيسا الحكومة.
وأوضح ويحمان، ضمن تصريح خص به ”24 ساعة”، حول تناقضات الحزب حول القضية الفلسطينية، أن العثماني الذي يعد من مؤسسي المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وعضو السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطني من أجل فلسطين، وقع ”جبنا” اتفاقية التطبيع.
وشدد ويحمان، أن العثماني عبر لمقربيه ” عن ألمه وعن ندمه على ذلك لكنه لم يعممه لكي يكفر عن موقفه والناس ينتظرون منه ذلك وأولهم مناضلين العدالة والتنمية أن يصدر بيان يتراجع فيه أو يشرح فيه الضغوط التي مورست عليه ليوقع التطبيع”.
ويحمان الذي اعتبر الهجوم الأخير على غزة ”غاشم وغير غريب على كيان عنصري بني على أساس القتل والتشريد وجرائم الابادة الجماعية”؛ أكد أيضا أن الحزب لم يتجاوز بعد منطق الازدواجية بحديثه عن ”التفهم”، في بيانه الذي صدر قبل أربعة أيام، قائلا في هذا الصدد: ”نحن في مجموعة العمل ننتظر بيانا واضحا يحمل نقذا ذاتيا على التطبيع الذي وقعه في الظروف التي يعلمها الجميع”.
وشدد ويحمان أن مجموعة العمل علقت ”عضوية حزب العدالة والتنمية في مجموعة العمل لغاية ما يقدم النقد الذاتي على توقيع أمينهم العام”.