24 ساعة- متابعة
كلما ازدادت التهديدات الأمنية تعقدا عبر العالم، كلما أثبتت المنظومة الأمنية المغربية خبرتها وحيوتها في التعاطي مع التهديدات المتنامية، سواء تعلق الأمر بأنشطة العصابات المنظمة بمختلف أشكالها، أو ما يرتبط بالتنظيمات الإرهابية والمتطرفة المتربصة بأمن واستقرار العالم.
على مدى سنوات طويلة، ولاسيما بعد أحداث 11 شتنبر بالولايات المتحدة، تحول المغرب إلى وجهة استراتيجية لدى الأجهزة الأمنية الدولية من أجل مساعدتها على مواجهة مخاطر التنظيمات الإرهابية. وهنا نتذكر عددا من اللحظات التي قدم فيها المغرب معطيات دقيقة جدا مكنت من إحباط عمليات إرهابية وشيكة..ونتذكر أيضا كيف تمكنت المصالح الأمنية المغربية من توفير معلومات استخباراتية قادت إلى توقيف متورطين في أحداث إرهابية في أوروبا..
كل هذه الجهود بوأت المغرب الصدارة في التعاون الأمني، فباتت أكثر الأجهزة الأمنية خبرة عبر العالم تطرق باب نظيرتها المغربية من أجل مساعدتها على مواجهة مخاطر الجريمة الإرهابية والعابرة للحدود.. هذا الدور برز بشكل جلي في ظل هذه المرحلة التي يقود فيها عبد اللطيف حموشي الأجهزة الأمنية المغربية..فالرجل الذي خبر العمل الاستخباراتي، باتت خبرته تحظى بإشادة كبار المسؤولين الأمنيين عبر العالم، وعلى رأسهم مسؤولو الأجهزة الأمنية الأمريكية..
هذا الاعتراف استحق عليه رجل المنظومة الأمنية المغربية توشيحين من طرف إسبانيا في سنتي 2014 و2018، وذلك اعترافا بجهوده الكبيرة..هذه الجهود التي تمثل في عمقها جهودا من أجل أمن واستقرار أي إنسان كيفما كانت جنسيته أو مكان إقامته، ويكفي أن نتذكر كيف مكنت عدد من المعلومات الاستخباراتية الدقيقة إلى تجنب أحداث دامية.
اليوم تقود الأجهزة الأمنية المغربية، تحت التوجيهات الملكية السامية، تجربة متميزة وغير مسبوقة على مستوى الأداء الأمني، لترسخ بذلك دور المغرب كفاعل دولي أساسا في السلم والأمن الدوليين. فالمغرب يشتغل على أكثر من واجهة، إن على مستوى عمليات حفظ السلام، أو من خلال هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية مساهمة منها في أمن عدد من الدول الصديقة والشقيقة.. إنها الدبلوماسية الأمنية بمفهومها المعاصر.
هذه الدبلوماسية الأمنية تم تنزيلها على أرض الواقع من خلال لقاءات مباشرة وتعاون وتنسيق دقيق مع أكبر الأجهزة الأمنية عبر العالم. وهنا نتذكر اللقاء الذي جمع عبد اللطيف حموشي بمايك بومبيو سنة 2019. فبالنظر إلى أن الأمن القومي يمثل أولى الأولويات الإدارة الأمريكية، كانَ لافتا لقاء وزير الخارجية الأمريكي بعبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني، بمقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وبعيد هذه الزيارة، غرد مايك بومبيو، على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” معربا عن “ابتهاجه بلقاء عبد اللطيف حموشي، المدير العام لمديرية الأمن الوطني”، مشيرا إلى أن “اللقاء كان مهما للتعاون بين البلدين لمكافحة الارهاب، وتعزيز السلم والأمن”. رسالة تعبر عن التقدير الأمني الأمريكي لقوة المدرسة الاستخباراتية المغربي، ذلك أنه لم يسبق لمسؤول أمريكي بهذا الحجم أن اجتمع بمسؤول أمني في أي دولة من الدول العربية أو الأوروبية.
وفي الواقع، فإن سياق ذلك الاجتماع جاء بالنظر إلى وجود خطر إرهابي كبير في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء تريد الولايات المتحدة الاعتماد على التجربة المغربية للتصدي لهذا الخطر. الأمريكيين يعرفون أن خارطة الجماعات الإرهابية انتقلت إلى منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا، لذلك يريدون بناء شراكة أمنية مع المغرب للتصدي لهذا الخطر.
وفي إطار التراكم الدبلوماسي والحرص الأمريكي على الاستفادة من التجربة الأمريكية، قام عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، على رأس وفد رفيع، بزيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية يومي 13 و14 يونيو الجاري، استأثرت باهتمام بالغ نظرا لأهميتها في تعزيز أواصر التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين.
وتميزت زيارة حموشي بإجراء جلسات عمل ومباحثات مع كل من أفريل هاينز، مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، وويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وكريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تناولت مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي والآليات والسبل الكفيلة بمواجهتها.
هذه الزيارة لم يكن لتمر دون أن يتم تنزيل مخرجاتها. وهكذا، استقبل عبد اللطيف حموشي، زوال أمس الاثنين بالرباط، أفريل هاينز مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية. وجاء هذا الاستقبال كتتويج وتنزيل لمخرجات اللقاء الثنائي رفيع المستوى الذي سبق أن جمع عبد اللطيف حموشي بالمسؤولة الأولى عن تجمع أجهزة الاستخبارات الوطنية الأمريكية السيدة أفريل هاينز، على هامش زيارة العمل التي أجراها للولايات المتحدة الأمريكية خلال يومي 13 و14 يونيو 2022.
كل هذه الزيارات تؤكد أن المنظومة الأمنية المغربية باتت تلعب أدوارا متقدمة في السياسة الدبلوماسية للمملكة، ومنها الدبلوماسية الأمنية. ومن ذلك نذكر اللقاءات التي جمعت عبد اللطيف الحموشي بكبار المسؤولين الأمنيين من إسبانيا وألمانيا وإسرائيل. فالمغرب بات لاعبا أساسيا في معادلة الأوروبي، وهو أمر تفهمه جيدا مختلف الدول وعلى رأسها إسبانيا التي تربطها بالمغرب ملفات شائكة، تتعلق بمحاربة الإرهاب والهجرة والمخدرات والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها، ما يجعل كل لقاءات وزيارات كبار مسؤوليها إلى المغرب لا تفوت فرصة السعي إلى تقوية العلاقات الأمنية بين البلدين.