أكد مدير المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، محمد بنحمو، أن السياسة الأمنية الوقائية والإستيباقية التي ينهجها المغرب مكنته من الحد “بقدر كبير” من التهديدات الإرهابية المتنامية والمستمرة. وأضاف خلال جلسة عامة حول موضوع “الإستراتيجية المغربية لمحاربة التطرف العنيف”، في إطار الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن المنعقد بمراكش يومي 9 و10 فبراير الجاري حول موضوع “التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا”، أنه من ضمن 1704 مقاتل إرهابي من جنسية مغربية تم تحديدهم بمسرح الجرائم الإرهابية بالعراق وسوريا، قتل 614 فيما عاد إلى المغرب 213 من المقاتلين، مع تسجيل حضور النساء والأطفال ضمن هذه المجموعات الإرهابية، (حوالي 293 امرأة و321 طفلا).
وأبرز بنحمو في هذا السياق، أنه منذ سنة 2015، تم تفكيك حوالي 49 خلية إرهابية ضمنهم 44 خلية كانت على صلة مباشرة بتنظيم “داعش” وتوقيف 733 شخصا، في حين تم تسليم 97 إرهابيا للمغرب (64 من العراق) و(13 من ليبيا)، مما يبرز، بحسب قوله، وبشكل قوي، أهمية التعاون الدولي في هذا المجال.
وأشار إلى أن الهندسة الأمنية المغربية تمت ملاءمتها وعصرنتها حسب طبيعة هذه التهديدات الإرهابية، مضيفا أن هذه الهندسة الأمنية مكنت من مراقبة شاملة للتراب الوطني والحدود وإدارة ناجعة لتدبير ونقل المعلومات والاستخبارات التي تسمح بالتدخل في الوقت المناسب.
وشدد مدير المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، على أن هذه النتيجة الإيجابية مردها إلى العمل الجاد المبذول من قبل جميع مصالح الإستخبارات خاصة تلك المرتبطة بالتحليل والتكوين، إلى جانب التجربة المكتسبة للأطر الأمنية المغربية، التي مكنت من معرفة جيدة لطبيعة التهديدات.
وبخصوص المقاربة المغربية، أوضح السيد بنحمو، أن هناك تعاون داخلي قائم بين مختلف المصالح الأمنية المغربية وتعاون دولي بين مختلف المصالح الأمنية والإستخباراتية على المستوى الدولي، وتوزيع المهام بشكل جيد بين هذه المصالح مع تدبير واقتسام جميع المعلومات في زمن حقيقي، حتى يكون لهذه العمليات وقع إيجابي على الأمن بالمملكة والبلدان الأخرى.
من جهته، أبرز مدير مركز الدراسات والبحث حول القيم بالرابطة المحمدية للعلماء السيد محمد بلكبير، أن إستراتيجية الرابطة المحمدية ترتكز على تكسير خطاب التطرف وتحصين المواطنين في وضعية هشة وتدبير عودة المقاتلين في تنظيم “داعش” الإرهابي كإجراء وقائي من أجل إعادة إدماجهم.
وأوضح، أن مقاربة الرابطة المحمدية تقوم على محاربة التطرف عبر تحديد كل حلقة في سلسلة التطرف، ضمنها التطرف العنيف، والتكفيري، والجهادي والإرهاب، مضيفا أن الرابطة حاولت تكسير هذه السلسلة من خلال التركيز على الشباب عبر إصدار كتب موجهة لتكوين مربين ودعامات لإعادة تكوين هؤلاء الشباب، مبرزا الأبعاد التوقعية للرابطة، والتي تهم تعزيز المرونة مع بذل مجهودات حثيثة مع السجناء لحماتيهم عبر تكوين 22 ألف سجين وتحسيسهم في مجال محاربة التطرف والإرهاب.
من جهته، أكد ممثل رئاسة النيابة العامة السيد حمزة السعد ، أن المغرب وضع كل مجهوداته إلى جانب المنتظم الدولي لمحاربة الإرهاب عبر إدراج الإلتزامات الدولية ضمن قوانينه الداخلية وإستراتيجيته الوطنية القاضية بمناهضة التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أن الإستراتيجية القضائية توجد ضمن كل الإستراتيجيات كحزام حقيقي للأمن الذي يمثل ضمانة وقائية للمؤسسات.
وأضاف السيد حمزة السعد، أنه إلى جانب دورها المواكب، فإن الإستراتيجية القضائية تحتفظ بأدوارها الخاصة التي تتجلى بالخصوص ، في فك وكشف لغز الجريمة الإرهابية، موضحا أن هذه الإستراتيجية تقضي، في المرتبة الأولى، بتعزيز الثقة في المؤسسة القضائية واختصاصاتها في مجال الإرهاب ثم، في المرتبة الثانية، توسيع الإجراءات الوقائية.
أما ممثل وزارة العدل السيد عبد الرحيم باشكار، فأوضح من جهته، أن المغرب وضع برنامجا للمصالحة داخل المؤسسات السجنية يرمي إلى تفعيل مبادئ التسامح والتفاهم في إطار قانوني واندماج السجناء في النسيج السوسيو-–اقتصادي، مرزا أن هذا البرنامج يرتكز على فهم النص الديني والحقوقي وعلاقة المواطنين فيما بينهم، وتأهيل السجناء ومواكبتهم اقتصاديا واجتماعيا بغية إدماجهم في النسيح السوسيو-اقتصادي للمجتمع.
ويروم هذا المنتدى، المنظم بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها. ويلتئم في هذا المنتدى، حوالي 300 مشارك رفيع المستوى من بينهم مسؤولين مدنيين وعسكريين ومسؤولين عن منظمات دولية وأمنيين وخبراء من إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، بغرض التحليل والمناقشة وتبادل التجارب .
ويناقش المشاركون في هذا المنتدى محاور ترتبط بالخصوص ب”إفريقيا في مواجهة التحديات الغير متماثلة وأعداء الحقبة الرقمية” و”الإتحاد الإفريقي في مواجهة تحديات السلم والأمن بالقارة الإفريقية (التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات)”، و”مكانة الإستخبارات في الهندسة الأمنية لمحاربة الإرهاب” و”الإستراتيجية المغربية في محاربة التطرف العنيف” و”منطقة الساحل والصحراء، عودة التهديد بين الإرهاب المنظم العابر للحدود والمليشيات المسلحة” و”مقاربة النوع في محاربة التطرف والإرهاب ” .