يستمر خُدَّامُ جبهة الدفاع عن الشعبوية في عزف لحن نشاز لأغنية سياسية يقول مطلع كلماتها الركيكة : ” مرجعية بنكيران أو الضلال يا إخوان “! وكلما سالت أقلامهم المُسْتَرْزِقَة لأموال مداد الريع و الامتيازات بتمجيد أدغال الشعبوية المظلمة ، تشتعل نار الوله وتثور لوعة الهيام لكي تصدح بنظم الغزل في جمال “ديمقراطية بنكيران ” .. في رشاقة قوامها ونعومة بشرتها..وعند ذكر عيوبها أمامهم تنتفخ أوداج الحقد وشرايين الجاهلية وتثور حمية العاشق الولهان دفاعا عن شرف معشوقته المُغْتَصَبَة.
هكذا إسْوَدّت جِبَاه الغباء الحزبي بلون الظلام القاتل، بل هكذا يكون وصف الغرقى في مستنقع العبثية والاسترزاق حين يُعَانِق الحقوقي الفار من العدالة زميله الصحفي أبو الصفرين ؛ ذاك الذي يضغط على مؤخرة قلمه مقابل كتابة “الشيلة” لإخوانه اللاهثين خلف السراب ، إنه هو الذي وَقَّع على عقود الفيلا المعلومة التي كشفت صفحات من كتاب تاريخ النصب والاحتيال. و كذلك حين تلتحق بالركب أنوثة ماء الحياة ذات العينين التي تدافع عن الفرعون العائد من القبر بسحر الإرادة الشعبية المفترى عليها.
و يبدو أن العقدة التي تلازم الطابور الإعلامي لخدام الشعبوية، مرتبطة بإسقاطات منبثقة عن شبهة مساهمة فكر حسن البنا الإخواني في الارتباط بالمحتل البريطاني وخيانة النضال الوطني بمصر معقل الفكرة الأم. وحيث أن حسن البنا يجسد الأب الروحي لفكرة “الإسلام الحركي” أو التغيير بالوصول إلى السلطة، فإن غالبية التنظيمات المُؤدلجة للإسلام في الوطن العربي، ومنها تجربة الإخوان المقلدون بالمغرب، تأثرت بحيلة التدين السياسي لتأمين وصول الحركة الى السلطة؛ ويكمن الاختلاف فقط في الشكل والمرونة المتعلقة بحجم التمكين السياسي الذي يراكمونه داخل المجتمع في انتظار التوقيت الاجتماعي المناسب.
وبالتالي فاللجوء إلى الاندماج أو التحالف مع أحزاب الحركة الوطنية أو الاستعانة بالإرث السياسي لبعض رجالات الحركة الوطنية هي تكتيكات أو حيل يستطيع من خلالها خدام “الإخوان المقلدون” تحجيم نقطة ضعفهم وتمويه الشعب بامتداد نضالي تاريخي افتراضي يعود بهم للسلف المناضل من أجل التحرير، بعد أن احتكروا الحديث باسم سلف الدعوة الأول وجعلوا أنفسهم حراس ذاك المعبد.
هم إذن خدام الشعبوية الذي يَفِرُّون من النقاش العقلاني مثلما َتَفِرُّ البكر ليلة دخلتها! هم الذي يستمرون في العيش بعقدة الماضي وربط الأموات بالأحياء و التماهي مع تمجيد القوة المزعومة ثم يتيهون بين أنقاض زلزال الواقع السياسي.
فماذا يعني أن يتحدث الفار من العدالة و القلم المطيع أبو الصفرين ومعهما تلك الحسناء ذات العينين و الوحش ” مجذوب لمداويخ ” عن الاستبداد والسلطوية ، ونحن نعلم أن الدستور لم يُخرَق عند تعيين رئيس الحكومة للمرة الثانية من الحزب نفسه المتصدر لنتائج الإنتخابات وفق روح و نص الدستور ، كما أن سعد الدين العثماني له تفويض من أعلى جهاز تقريري لحزب العدالة و التنمية ، ألا هو المؤتمر الوطني الثامن؟!
وماذا يعني ألاَّ يحترم بنكيران و معه خدام الجبهة الشعبوية نتائج مؤتمر حزبهم وقراراته المساندة للحكومة والكف عن تمويه الرأي العام؟!
و لعل كُنْهَ الديمقراطية السليمة يفرض على بنكيران أن يجمع توقيعات أتباعه في المجلس الوطني برلمان الحزب ويدعوه إلى مساندته من أجل عقد مؤتمر استثنائي قصد اتخاد قرار الخروج من الحكومة دون كل هذه الجعجعة الإعلامية المفضوحة، ودون هذه الحرب القذرة الاستنزافية .
فعلا، يحق القول في هذه الظاهرة الشعبوية أن فاقد القيم الديمقراطية لا يمكن أن يتحول إلى مناضل من أجل هذه الديمقراطية !.
إن قوة دستور دولة المؤسسات تضمن العديد من الحلول القانونية القمينة بحل هذه الأزمة الراهنة بعيدا عن عقد النرجسية و الغرور المؤسسة لفقاعة العرض السياسي الفاشل الذي يسعى به الداعية الأسبق عبد الإله بنكيران. فمع هلامية خدام الشعبوية نقف عند طرح السؤال المهم :
لماذا كل هذه الإيحاءات الرجعية التي تنهل من أفكار منظومة الحزب الوحيد والتي تساندها أقلام خدام الشعبوية بنشر البؤس السياسي ونظم الغزل في ديمقراطية بنكيران المزعومة ؟!
و من هذه الإطلالة ندرك أن استمرار خرجات خدام الشعبوية ينذر بكشف المزيد من المستور من أهدافهم السياسية المشبوهة، كما يدعو الجميع إلى عمق التمعن في قاموس ماضوية الصراع الذي تستعين به أقلام خدام الشعبوية لتوصيف الحاضر.. إنهم لا يملكون غير هذا الخطاب السفيه: خطاب تحريض الماضي على الحاضر من أجل نسف المستقبل!
شاعر و كاتب
رئيس تيار ولاد الشعب