أسامة بلفقير-الرباط
حمل الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء رسائل قوية وواضحة. إذ يتعلق الأمر بتقديم أعلى سلطة في البلد لحصيلة العمل الكبير الذي قامت به الدول في الأقاليم الجنوبية، خلال السنوات الأخيرة.
أولا، يتعلق الأمور ببرنامج تنموي هام تم تنفيذه، بكل حزم وجدية. فالغلاف المالي. الذي تم تخصيص بما يصل إلى 77 مليار درهم، وصلت نسبة تنفيذ المشاريع المرتبطة به إلى 80 في المائة. وهو ما يعكس نسبة التزام عالية تؤكد أن البرنامج بات قريبا من إنهاء مختلف المشاريع المبرمجة.
لكن هناك مسألة مهمة. فحديث ملك البلاد عن أمور دقيقة لها علاقة بتنفيذ المشاريع في مختلف المجالات. إنما حرصا خاصا لدى المؤسسة الملكية، ومتابعة عن قرب من طرف عاهل البلاد لإنجاز هذه المشاريع.
كما أن الخطاب تميز بالتركيز والدقة في توجيه أكثر من رسالة لأكثر من جهة في حيز زمني لم يتجاوز 7دقائق و 36 ثانية.
وعموما، يمكن تقسيم الخطاب يمكن تقسيمه إلى مستويين. البعدي التنموي. من خلال التركيز على “المسيرات” التي تشهدها بلادنا، ومنها أقاليمنا الجنوبية على أكثر من صعيد، بعد مسيرة استكمال الوحدة الترابية.
وهنا لابد من التأكيد على أن الخطاب الملكي يأتي في سياق خيط ناظم. يبرز الدور الذي لعبه المغرب منذ مغادرة المحتل الإسباني لهذه الأقاليم. هذا المجهود كان استثمارا عموميا محضا. بدليل أن ما تنفقه الدولة في هذه الأقاليم لا يؤدي إلى ضخ أرباح معينة في خزينة الدولة. بل إن الهم الذي ظل يسكن البلاد هو أن الاستثمار في العنصر البشري وجعله ينعم بنفس مستوى عيش باقي المواطنين أو أكثر.
ولا أدل على هذا الوضع هو أن مدن الأقاليم الجنوبية للمملكة، وعلى رأسها العيون والداخلة. تتوفر على مقومات للعيس والرفاه أشبه بتلك التي توجد في دول متقدمة، بل إن استثمارات الدولة تجعلنا في الواقع أمام حواضر وكأنها في منطقة غير صحراوية.
من جانب آخر، حمل الخطاب الملكي رسائل مهمة حول مستوى شراكات المغرب ومنظوره للتضامن الإفريقي. وهنا الحديث عن اتفاق أنبوب الغاز النيجيري-المغرب، الذي اراد له الملك أن يكون مشروعا إفريقيا استراتيجيا مهيكلا، سعود بالنفع على مختلف دول منطقة غرب إفريقيا.
هذه الإرادة الملكية تم التعبير عنها بشكل دقيق وواضح. وقد جاء الخطاب الملكي أيضا ليضع حدا لكثير من الشائعات التي يروج لها خصوم، حتى وإن كان النطق الملكي يرقى على أي رد على مثل هذه الادعاءات..لكن الواضح أن حديث الملك عن أمور لها علاقة بتنفيذ المشروع إنما يؤكد، لمن لازال يشكك، أن مسيرة المغرب الكبرى لن توقفها مناورات الأعداء مهما حاولوا.