محمد الشمسي
استأسدت الكرة الإفريقية في كأس العالم بقطر أكثر من ما مضى من الكؤوس العالمية، فحتى المنتخبات الثلاث المُغادرة تركت صدى كرويا طيبا، حيث أحرزت تونس أربع نقط رغم الخروج، ومثلها فعلت الكامرون وهي وتعود لياوندي بأربع نقط كذلك، فيما غادرت غانا بثلاث نقط بعدما ضيعت ضربة جزاء كانت ستقلب بها الطاولة على الأوروغواي، لكن عنصر الإثارة والتشويق كان مغربيا خالصا، حيث تخطى أسود الأطلس حاجز الدور الأول بسهولة وعبروه وفي حوزتهم سبع نقط وهي أعلى ما جرى تحقيقه في هذا الدور، مع الإشادة كذلك باجتياز السينغال لذات الدور بست نقط.
الريح القادمة من قطر تبشر بقرب مقارعة إحدى المنتخبات الإفريقية قريبا إن لم يكن من هذه المحطة الكبار على نيل الكأس الأغلى والأهم، فلن تبقى حكرا على الأوروبيين واللاتينيين، ومسألة تتويج إفريقيا صارت مسألة وقت فقط، ومنتخبنا المغربي وكذلك الأشقاء السينغاليون نملك جميعنا كل المقومات للمضي قدما في المغامرة الإفريقية لتكسير العادة وخلط المعادلة وبعثرة تكهنات المحللين.
النخبة المغربية تجاوزت الحاجز الأصعب، وستلعب مباراة الثمن أمام الإسبان بمعنويات مرتفعة، فالغريم الإسباني ليس في أفضل حاله، وهو يلعب بما تبقى منه، وقد هزمته اليابان ومر بفارق الأهداف، وطيلة مبارياته الثلاث لم يُظهر شيئا يدعو للخوف منه، وبطولته الأقوى عالميا هي قوية فقط بالأجانب، والإحصائيات المستقاة من دور المجموعات تمنح الأفضلية لأسود الأطلس، ومباراة الثمن فرصة المغرب للانتقام من تعادل بطعم الهزيمة في روسيا 2018 ولعب الربع العالمي، ولما لا مواصلة الحلم المغربي وخلفه حلم قارة نحو النصف، وما يقال عن المغرب يقال عن السينغال بترسانته الفتاكة التي ضربت بقوة في مباريتين فعبرت عن جدارة دون انتظار النِّسب.
أما مفاجآت كأس قطر فكانت إقصاء المنتخب الألماني من الدور الأول، الألمان قدموا مستوى لا يليق بالكرة الألمانية، فقد انشغلوا على لعب كرة القدم بأشياء أخرى غير رياضية، جاؤوا إلى قطر مهووسين بدعم الشواذ جنسيا، وكأنها قضية كونية ومصيرية، كنا ننتظر منهم انزياحا رياضيا لدعم السلام العالمي والمناداة بوقف الحروب وتجنيد الأطفال فيها، أو نصرة البيئة وما يلحقها من تخريب، أو التصدي للمجاعة والفقر في بقاع شتى، لكن سياسييهم و وسائل إعلامهم شحنت المنتخب بحمولة غير أخلاقية ولا إنسانية ولا رياضية، تنتصر لقوم يسعون إلى تهديد العنصر البشري في وجوده واستمراره بطيش لا يقل خطرا عن الحروب والمجاعة والتغير المناخي، وهو الدعاية لزواج رجل برجل وامرأة بامرأة وهو عار لم يعشه لا الإنسان البدائي ولا يوجد حتى في عالم الحيوانات، لذلك حضر المنتخب الألماني إلى قطر مدافعا عن قضية شواذه جنسيا وأغفل الدفاع عن شباكه التي أدخل فيها خصومه الأهداف بالقذف وبالرأس، وزاد غضب المانشافت حين منعت دولة قطر كل دعم لتلك الشريحة التي اخترقت التظاهرات الرياضية لنشر وفرض تطبيع مع ظاهرة تتنافى مع الطبيعة، وهاهم الألمان يعودون إلى بلدهم وأيديهم على أفواههم وقد حلت بهم لعنة الشواذ…
هي كرة القدم، الرياضة الساحرة المثيرة العصية على الفهم والتوقع وعلى الحساب وخلطات الكيمياء ومعادلات الفيزياء ، تنفلت من بين أرجل من لا يمنحها الاحترام اللائق بها، فتخونه وتجعله أضحوكة المحفل الدولي.
في المحصلة تتسلق إفريقيا المراتب والدرجات في صمت لكن بعمل دؤوب ظاهر جلي، وتحتاج إفريقيا من الفيفا مكافأة زيادة عدد منتخاباتها المؤهلة الى الكأس العالمية فماعادت المقاعد الخمس تليق بمستوى قاهري عمالقة وأرباب كرة القدم، ومنح إفريقيا سبع أو ثمان مقاعد ولما لا عشرة عوضا عن خمسة، فيكبر حلم قارة جادت وتجود على منتخبات العالم بالمواهب والنجوم، ويكفي مراجعة تاريخ كرة القدم سنجد أن لاعبين أفارقة “سرقتهم” منتخبات غير إفريقية وقوت بهم صفوفها وفازت بواسطة أهدافهم بكأس العالم .
هنيئا للمغرب والسينغال، وشكرا لتونس والكاميرون وغانا، ونصيحة للألمان أن يزيلوا الأيدي على الأفواه، ويضعوا الأرجل على الأرض ويلعبوا كرة القدم.
كل كأس عالم وإفريقيا في تألق…