إعداد-عبد الرحيم زياد
تقدم جريدة “24 ساعة ” لقرائها بمناسبة شهر رمضان الأبرك حلقات متسلسلة على امتداد الشهر الفضيل من كتاب “مذكرات أسير الداي كاثكارت قنصل أمريكا في المغرب”، لمؤلفه “جيمس ليندر كاثكارت” والذي كان أسيرا لمدة 11 سنة في الفترة بين عامي 1785 إلى 1796، قضى منها مدة 7 سنوات بقصر الداي بالجزائر العاصمة.
خلال هذه المدة إطلع فيها الداي وخبر الأحوال الاقتصادية والثقافية للجزائر خلال تلك الفترة، وبعد إطلاق سراحه تم تعيينه قنصلا للولايات المتحدة الأمريكية بكل من طرابلس وتونس. كما عين قنصلا بكل من قادس الإسبانية وماديرا البرتغالية.
ما حدث لـ “جيمس ليندر كاثكارت” وما ضمته دفتي هذا الكتاب الذي ترجمه وحققه الدكتور اسماعيل العربي، يعتبر قصة رائعة، مليئة بالتشويق، وغنية بالمعطيات والمعلومات .
هو كتاب يستحق المتابعة فهو عبارة عن وثيقة تاريخية تسلط الضوء على فترة مهمة من تاريخ منطقة شمال افريقيا التابعة للإيالة التركية.
الفصل الثالث:
الحلقة الرابعة والعشرين:
ونظرا لأنه فشل في تعيينه قنصلا لاسبانيا وبريطانيا ، فقد كان من المرجع أن يرشح نفسه لتعيينه قنصلا للولايات المتحدة مكافأة له على الجهود التي يبذلها في مفاوضات السلام ، الأمر الذي كان من شأنه أن يحفزه الى مضاعفة تؤثر عليه مصالحه الشخصية أو المصالح القومية ، بل على العكس من ذلك فان مصالحه تتفق مع مصالحنا جهوده في خدمة الولايات المتحدة ، ولا سيما وانه رجل لا يمكن ان . . . ولما كان على يقين من أن الحصول على معاهدة السلام مع الأيالة أمر غير ممكن في الظروف الحاضرة ، فقد نصح المستر لامب أن يبذل قصارى جهده لفدية الأسرى في المرحلة الأولى ، في الوقت الذي يقوم فيه باستمالة رؤساء الأيالة لحملهم على التوسط لدى الداي للحصول على أفضل الشروط الممكنة على ضوء ميوله القوية لبريطانيا ، وهو هدف لا يمكن الحصول عليه الا بتقديم هدية مهمة للداي ، بالاضافة الى الهدايا التي تقدم لكبار الوسطاء ” .
ولكن المستر لامب لم يزود بالوسائل التي تسمح له بشراء تلك الهدايا في الحال ، وقد نصحه المستر ولف بانه سيكون من الحكمة أن يؤجل ابلاغ الداي بانه مفوض لاجراء محادثات بشأن الشروط التي يمكن عقد معاهـدة السلم على أساسها ، وذلك حتى يعـود بالمال الضـروري لفديـة الأسرى الأمريكيين.
الكونت ايكسبيلي والمسيو دو كيرسي كان لهما رأي آخر مؤداه أن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها بانفاق مبالغ كبيرة من المال لرشوة الوزارة الجزائرية كما صنعت اسبانيا من قبل . ولذلك فقد نصحا المستر لامب بان يبلغ الداي خبر تفويضه في الحال ، حيث أن هذه الطريقة أقل تكاليف ، ولو أنها لا تضمن النجاح دائما . ” . وهكذا أخذ المستر لامب بنصيحتهما وترجاهما أن يقوما بمسعى لـدى الداي ليطلبا اليه أن يسمح للمبعوث الأمريكي بتقديم أوراق اعتماده التـي يحملها من حكومة الولايات المتحدة الأمريكيـة ولاستقباله بوصفه سفيرا سا من قبلها لاجراء مفاوضات معه لعقد معاهدة السلام بين البلدين ولكنهما رفضا رفضا باتا القيام بهذا المسعـى ، وهو دليل قاطع على تصميمهما على ( عدم ) استخدام نفوذهما في صالحنا وبعد مناقشات قررا في نفس المساء ارسال مترجم القنصلية الفرنسية الى القصر ( وقد لقن ما يقوله في هذه المناسبة مسبقا ) لكي يقدم الى الداي طلب المبعوث الأمريكي .. ” عاد ليخبر السفير الأمريكي بان سعادة الداي سوف يبلغه رده في ظرف بضعة أيام بعدما يدرس اقتراحه ويتأمل فيه.