الرباط-عماد مجدوبي
زلزال سياسي كبير ضرب إسبانيا اليوم، بعد اكتساح الحزب الشعبي لنتائج الانتخابات وتراجع الحزب الاشتراكي الحاكم في مشهد يؤكد أن الانتخابات التشريعية التي ستعرفها البلاد بعد حوالي شهرين لن تعرف مفاجآت كبيرة، وهو ما سيجعلنا أمام حكومة يمينية ستشكل تحديا حقيقيا للعلاقات بين الرباط ومدريد. هذا التحدي يحاول نبيل دريوش، الخبير في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، تفكيكه في حوار مع جريدة “24 ساعة الإلكترونية” من خلال تسليط الضوء على نتائج الانتخابات البلدية والجهوية، ومستقبل العلاقات بين البلدين الجارين.
كيف تقرأ نتائج الانتخابات الإسبانية بعد اكتساحها من طرف الحزب الشعبي؟
يمكن القول إن الحزب الشعبي الاسباني هو الفائز بهذه الانتخابات بعدما استفاد من اختفاء حزب سيودادنوس نهائيا من المشهد السياسي الإسباني وبالتالي استعاد الكتلة الناخبة التي كانت تصوت لصالح سيودادنوس. ويبدو أن زعيم الحزب الشعبي نونيث فيخو نجح في هذه المهمة، بل أكثر من ذلك فالحزب الشعبي استطاع الفوز في بعض القلاع المهمة للاشتراكيين وتقدم الحزب الشعبي في المجمل بـ2,5 نقطة على الحزب الاشتراكي وهو أول فوز له في الانتخابات المحلية منذ عام2015. وفقد الحزب الاشتراكي أزيد من 600 ألف صوت مقارنة بانتخابات 2019 البلدية، مثلما ضاعف حزب بوكس اليميني المتشدد من نتائجه خلال هذه الانتخابات حيث انتقل من 3,5 بالمائة من الأصوات إلى 7,1 وصار يملك 1663 مستشارا مقابل 530 عام 2018 أي ثلاثة إضعاف.
من هو الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات؟
الدريوش: الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات هو التيار التقدمي وأساسا حزب بوديموس الذي اعترف بأنه مني بهزيمة نكراء خلال هذه الانتخابات بسبب خلافاته الداخلية التي كان لها تداعيات كبيرة على قواعده وانسلاخه عن الدفاع عن بعض قضايا المواطن الاسباني البسيط الذي يمثل كتلته الناخبة، وسيطرت بعض قضايا الحريات الفردية مثل قانون الحرية الجنسية وحق القاصرين في تغيير جنسهم على النقاشات الاجتماعية التي قادت الحزب إلى الواجهة. وهذه النتائج لم تكن منتظرة في الواقع وفق ما جاءت به استطلاعات الرأي في الأيام السابقة على الانتخابات المحلية.
هل تتوقع أن تدخل العلاقات المغربية الإسبانية مرحلة جديدة بعد هذه النتائج الانتخابية؟
الدريوش: هذه الانتخابات هي تيرموميتر الانتخابات التشريعية التي لم يعد يفصلنا عنها اليوم إلا أقل من شهرين بعد إعلان رئيس الحكومة بيدرو سانشيث عن إجراء الانتخابات. فرئيس الحكومة الإسبانية يحاول تجاوز الأزمة الآن و تفعيل سيناريو كان يحضر له مسبقا والظاهر فيه هو تسريع الانتخابات، لكن هذا لا يمنع من أننا بصدد سيناريو آخر وهو احتمال فشل بيدرو سانشيث في وقف النزيف.
وبالتالي فوز الحزب الشعبي اليميني و حزب بوكس اليميني المتطرف بالانتخابات التشريعية المقبلة وتشكيل حكومة جديدة باسبانيا، وهو ما سيضع العلاقات المغربية الاسبانية أمام امتحان جديد بحكم أن النخبة المتحكمة في الحزب الشعبي بزعامة فيخو لا تعرف المغرب بشكل جيد، والمسؤول عن العلاقات الخارجية للحزب استيبان بونس غونزاليث مقرب جدا من الجزائر و البوليساريو.
و الخطر الثاني يأتي من حزب فوكس الذي رغم عدم تشدده في قضية الصحراء المغربية و مقاطعته للبوليساريو بيد أن له ارتباطات ببعض التيارات المتشددة داخل المؤسسة العسكرية المناوئة للوحدة الترابية للمغرب. والسؤال هو إلى أي حد يمكن أن تؤثر على مواقفه مستقبلا، مثلما أنه سيمارس ضغطا كبيرا على المغرب في ملف سبتة ومليلية ومسألة الهجرة غير الشرعية، وسيدفع باتجاه تشديد القوانين على المهاجرين القانونيين في إسبانيا وبينهم حوالي مليون مغربي، وسيمارس ضغوط في ملف ترحيل القاصرين أيضا. لذلك وجب الانتباه لما يجري في اسبانيا الآن.