الدار البيضاء-آسية الداودي
أكد عبد الحميد البجوقي، الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية، أنه رغم كون بعض استطلاعات الرأي في إسبانيا احتملت تقدم مهم للحزب الشعبي في الانتخابات الجهوية والمحلية برسم 28 ماي 2023، إلا أن النتائج النهائية كانت مدوية وفاقت كل الاحتمالات السابقة، حيث فاز الحزب الشعبي بأغلبية في 7 جهات من 12 وبأغلب البلديات، بعضها كانت تاريخيا معقل للإشتراكيين.
وأشار البجوقي، في تصريح لجريدة “24 ساعة” الإلكترونية، إلى أنه باستثناء جهة مدريد التي حصل فيها الحزب الشعبي بقيادة إيصابيل أجوسو على الأغلبية المطلقة، بقي فوز الحزب الشعبي فيها رهينا بالتحالف مع حزب فوكس اليميني المتطرف.
كما تجدر الإشارة إلى أن الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني لم يعرف تراجعا كبيرا في الأصوات والمقاعد التي حصل عليها، بل استطاع في بعض الجهات تحسين نتائجه بالمقارنة مع الانتخابات الجهوية والمحلية السابقة، في المقابل كان تحالف اليسار بقيادة بوديموس شريك الحزب الاشتراكي في الحكومة الوطنية المعني بالهزيمة وبتراجع كبير في أغلب الجهات والبلديات، بل لم يصل تحالف اليسار في بعض الجهات كمدريد ـ التي كانت معقل ولادة تحالف اليسار المعروف ببوديموس شريك الحزب الاشتراكي في الحكومة الحالية ـ إلى العتبة وحصل على صفر مقعد وأصبح خارج المؤسسات المنتخبة.
وأضاف البجوقي أن “تراجع تحالف اليسار وهزيمته المدوية وصعود حزب اليمين الشعبي وحزب فوكس اليميني المتطرف فتح الباب أمام تشكيل حكومات ائتلافية يمينية في أغلب الجهات والبلديات. الخلاصة أننا أمام فوز اليمين الاسباني مقابل سقوط حكومات ائتلافية في أغلب جهات إسبانيا وبلدياتها”.
ويرى الخبير في الشأن الإسباني أن للأزمة الاقتصادية والتضخم وتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وأزمة الطاقة دور كبير في الفوز الذي حققه الحزب اليمين الاسباني رغم المجهودات والإجراءات الاجتماعية التي قام بها الحزب الاشتراكي الاسباني بزعامة بيدرو صانشيص. وهذا ما أقرَّ به رئيس الحكومة الاسباني أثناء إعلانه صباح يوم 29 ماي عن حل البرلمان والدعوة للإنتخابات التشريعية يوم 23 يوليوز 2023، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع لمواصلة برنامجه الحكومي كما جاء في تصريحه.
وتأتي هذه الانتخابات، وفق البجوقي، أثناء تسلم إسبانيا للرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي ابتداء من فاتح يونيو 2023. هذه الأخيرة والقرار المفاجئ لرئيس الحكومة بالإعلان عن الانتخابات في يوليوز القادم والمفاوضات المضنية بين الأحزاب اليمينية لتشكيل حكومات جهوية ائتلافية تعطي حسب المحللين فرصة لبيدرو صانشيص لاستعادة المبادرة والضغط على تحالف اليسار شريكه في الحكومة الحالية لتوحيد صفوفه ووضع حد لنزاعاته الداخلية.
فيما يتعلق بالتداعيات المحتملة لنتائج هذه الانتخابات على العلاقات بين الرباط ومدريد، هي أولا رهينة بالفوز المحتمل للحزب الشعبي في الانتخابات المقبلة، وفي حالة فوزه لن يكون بأغلبية مطلقة ما يفتح المجال أمام احتمال تشكيل حكومة يمينية ائتلافية يقودها الحزب الشعبي اليميني المعتدل، وكل المؤشرات تؤكد أن العلاقات بين الرباط ومدريد لن تتأثر فيما يتعلق بما هو استراتيجي والالتزامات المشتركة بين البلدين، وأن القرارات المتعلقة بملف الصحراء والموقف الاسباني الجديد الداعم للمغرب لن يتغير، بل ربما ستعرف العلاقات بين البلدين دفعة أقوى في مجالات التعاون الاقتصادي والعلاقات التجارية بالإضافة إلى الملفات التقليدية الثابتة كالأمن وملف محاربة الهجرة غير النظامية والإرهاب.