وجدة- إدريس العولة
السعيدية التاريخ والنشأة
لما شرع عامل وجدة عبدالمالك السعيدي، في بناء قصبة عجرود أو القصبة السعيدة سنة 1883، لم يكن يتصور أبدا أنها ستتحول مع مرور الزمن إلى قبلة سياحية مهمة للمغاربة والأجانب على حد سواء من أجل الإستمتاع بشمسها الساطعة وشواطئها الهادئة ورمالها الذهبية.
بل كان هدف العامل عبدالمالك السعيدي، من بناء هذه القصبة، هو حماية الحدود من توغل الإستعمار الفرنسي، الذي كان قد احتل الأراضي الجزائرية بالكامل، ويطمع إلى توسيع مستعمراته من خلال العمل على استعمار المغرب عن طريق بوابة الجهة الشرقية بحكم قربها من الجزائر، كما كانت الغاية من إنشاء هذه القصبة، هي وضع حد لظاهرة التهريب التي كانت مستفحلة بشكل كبير إبان تلك الفترة عن طريق وادي كيس الفاصل بين المغرب والجزائر، إذ كان المهربون يعمدون إلى تهريب الخضر والفواكه التي كانت تنتج بسهل ملوية بضواحي مدينة بركان، إضافة إلى تهريب المواشي من أغنام وأبقار، وماعز، وغيرها من الدواب.
سيدي أحمد وسيدي إدريس حماة القصبة
تتوفر قصبة عجرود على بابين يحملان الطابع الهندسي المغربي المعروف في كل القصبات الموجودة في بلادنا مع اختلاف بسيط تمت فيه مراعاة ظروف وزمان النشأة ،فالباب الرئيسي يطل على الواجهة البحرية في اتجاه الشمال ،أما الباب الثاني فيطل على وادي كيس في اتجاه الجزائر.
ويروي ” عمي رمضان” خلال حديثه لجريدة 24 ساعة الإلكترونية ، فالقصبة كانت محروسة من طرف الوليين الصالحين سيدي أحمد، وسيدي إدريس، فهما من يحميا سكان القصبة من كل شر قادم ويدفعان الأضرار والأخطارعنها ،ويتصديان لفياضانات وادي كيس الفاصل بين الجارتين ويضيف ” عمي رمضان” أنه حدث في سنة 1947، واجتاحت مياه الوادي مدينة السعيدية حيث غمرت المياه كل المدينة وعلى نطاق واسع تسببت في انهيار الجسر الرابط بين القصبة والجزائر على مستوى وادي كيس الذي عرف فياضانات كبيرة خلفت خسائر جسيمة ،باستثناء القصبة التي نجت من هذه الكارثة ،بسبب حمايتها من طرف الوليين الصالحين سيدي أحمد وسيدي إدريس حينها ازدادت محبة ساكنة القصبة لهما لكونهما يرجع لهما الفضل في وجود القصبة إلى يومنا هذا وفق معتقدات سكان القصبة.
جوهرة المغرب الزرقاء
بعد حصول المغرب على الإستقلال سنة 1956، بدأت مجموعة من المناطق تعرف توسعا عمرانيا مهما، من بين هذه المناطق مدينة السعيدية، التي كان زوارها يعتمدون في بداية الأمر على وسائل بدائية من أجل التخييم، حيث كانوا يبنون الخيام وسط الغابات المحيطة بالمدينة، حيث لم يكن للمخيمات المنظمة والفنادق والشقق المفروشة أي وجود، باستثناء بعض البنايات التي تعود ملكيتها للأجانب، وكانت عملية التخييم تقتصر فقط على سكان مناطق جهة الشرق بركان وجدة على وجه التحديد.
وخلال نهاية ستينيات القرن الماضي، شرعت مجموعة من المؤسسات العمومية وشبه العمومية في بناء المخيمات الصيفية لفائدة موظفيها ومستخدميها، وبدأت المدينة تعرف توسعا عمرانيا مهما وتجاوزت شهرتها الجهة الشرقية وأصبح يؤمها الزوار من مختلف المدن المغربية.
بناء الطريق الساحلي
كان زوار مدينة السعيدية حتى منتصف التسعينات يجدون صعوبة بالغة للوصول إليها، بسبب تدهور وضيق كل الطرق المؤدية إليها، ولم يتنفس زوارها الصعداء حتى بناء طرق جديدة وتوسيعها لتسهيل مأمورية زوارها، وأصبح الولوج إليها سهلا وتحولت من قرية صغيرة يعتمد أهلها على الفلاحة والصيد البحري التقليدي، إلى مدينة سياحية بامتياز تستقطب كل سنة آلاف الزوار من مختلف المدن المغربية ومن الخارج أيضا.
شاطىء شاسع
يعد شاطىء مدينة السعيدية، من أجمل الشواطىء المتواجدة ببلادنا، إذ يمتد على مسافة طولها 14 كيلومتر، إنطلاقا من الحدود الجزائرية المغربية حتى نهر ملوية، كما يتميز شاطؤها برماله الذهبية وشمسها الدافئة، الأمر الذي جعلها قبلة مفضلة للعديد من المواطنين المغاربة من مختلف المناطق، كما تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة متميزة للجالية المغربية المقيمة بالخارج بحكم قربها من المعبر الحدودي الناظور.
مطارين دوليين
إضافة إلى وجود مطارين دوليين ويتعلق الأمر بمطار العروي ومطار وجدة أنجاد، ولم يكتف بعض المغاربة المقيمين بالخارج فقط، بقضاء العطلة بالجوهرة الزرقاء، بل قام العديد منهم بخلق مشاريع استثمارية في المجال السياحي، من خلال العمل على إقامة مجموعة من الفنادق و المطاعم وغيرها من المشاريع الأخرى ذات الطابع السياحي من أجل النهوض بهذا القطاع، الذي يراهن عليه المغرب بشكل كبير من أجل الرفع من حجم الاستثمارات لما له من تأثير إيجابي على جلب العملة الصعبة وبالتالي النهوض بالمنظومة الإقتصادية ببلادنا.