أكد الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، يوم أمس الجمعة بالرباط، أن التشخيص الدقيق والرؤية الواضحة وربط المسؤولية بالمحاسبة ، تمثل الأسس الضرورية للنجاح في إرساء عدالة اجتماعية أفضل.
وأوضح بنسودة، خلال تقديمه لتقرير تمهيدي في إطار الدورة ال12 للمناظرة الدولية للمالية العمومية، المنظمة حول “المالية العمومية والعدالة الاجتماعية”، أنه “لا يمكن ارساء عدالة اجتماعية أفضل بدون تشخيص دقيق ورؤية واضحة، وتغيير القوانين بوتيرة أقل، وتمكين الفاعلين من صياغة القوانين، واحترام القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة “.
وأضاف أن التشخيص السليم لوضعية العدالة الاجتماعية، يتطلب الحصول على معلومات أكثر دقة وشفافية حول الدخل والثروات، من أجل “معرفة الواقع الاجتماعي الحقيقي بشكل أفضل وجعل رؤية السلطات العمومية أكثر وضوحا من أجل بلورة سياسات اجتماعية تكون أكثر ملاءمة”.
من جهة أخرى، شدد بنسودة على أهمية الحفاظ على الخيارات الكبرى في مجال السياسات العمومية، وتقليص وتيرة إدخال التغييرات عليها، موردا مثال ألمانيا التي لا تغير قوانينها الجبائية إلا نادرا، والتي تتميز بقوة صياغة التشريعات، حيث تخضع المعايير ذات الأصل التشريعي لشرط النجاعة .
وأشار كذلك إلى أنه بالموازاة مع بلورة المعايير “يجب على الدولة السهر على الاحترام المنهجي للقانون، الذي يجب أن يسود على الجميع”، مضيفا أنه “ينبغي معاقبة أي خرق للقانون”.
وذكر بنسودة بأن دستور 2011 أناط بمجلس الحسابات مهمة حماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة، والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة في الدولة والهيئات العمومية، وأن أي خرق لهذه المبادئ قد يؤدي، حسب الحالة، إلى اقرار عقوبة سياسية أو قضائية على المسيرين العموميين.
وقال إن السياسات الاجتماعية استلزمت تدخلا كبيرا من طرف المالية العمومية، من حيث زيادة النفقات المباشرة من قبل الوزارات وزيادة المنح المقدمة للمؤسسات والمقاولات العمومية، مقرونة بانخفاضات على مستوى الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، علاوة على الرفع من الإعفاءات الضريبية.
وأبرز بنسودة أن ”هناك وعي جماعي يتطور اليوم في المغرب” حول ضرورة وضع حد للممارسات في مجال تدبير المالية العمومية التي أثرت سلبا على الاقتصاد وعلى المجتمع ككل.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أكد في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية، المنعقد في فبراير 2018، أن النموذج التنموي للمغرب ” لم يعد قادرا على الاستجابة للمطالب والحاجيات المتزايدة للمواطنين، ولا على الحد من الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية، وبالتالي على تحقيق العدالة الاجتماعية”. من جهته، قال رئيس جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، مدير المجلة الفرنسية للمالية العمومية السيد ميشيل بوفيي، أن ” الرباط أصبحت بشكل تدريجي مركزا فكريا حقيقيا للمالية العمومية على المستوى الدولي”.
واعتبر بوفيي أن ” المغرب أصبح ، بشكل ما ، نافذة لما يجري في مجال المالية العمومية على مستوى العالم” مضيفا أن هذه المناظرة تضع المملكة في موقع محوري في إطار التفكير في المالية العمومية. وأكد كذلك على أن تطور النموذج الاقتصادي الجديد قد تسارع بشكل كبير في السنوات الأخيرة ، مضيفا أنه “يتم إنشاء أيضا نموذج مؤسستي جديد من خلال شبكة من الدول والمدن والجهات”.