الرباط-متابعة
دعا سعيد بعزيز البرلماني عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، بالتعجيل بافتحاص مشروع الوحدة الصناعية لإنتاج حليب جرسيف ضمن جذاذة المخاطر المتعلقة بالمشاريع الممولة من المال العام.
ووفق ما أفاد به بعزيز في سؤال وجهه إلى نادية فتاح وزيرة الاقتصاد والمالية، فإن “هذا المشروع الممول من المال العام بتكلفة إجمالية تجاوزت 60 مليون درهم أخذت به المفتشية العامة للمالية علما وستدرجه ضمن جذاذة المخاطر المتعلقة بالبرمجة، في أفق دراسة إمكانية برمجته لاحقا ما لم تباشره إحدى الهيئات الرقابية الأخرى”.
وأكد المتحدث ذاته بأنه إلى الآن “لم يباشر فيه الافتحاص من قبل أي هيئة رقابية أخرى”، مشيرا إلى أن هذا المشروع آل إلى الفشل بسبب تبذير المال العام، وسوء التدبير، والتواطؤ من أجل إفلاسه بهدف فتح المجال لجهات أخرى”.
ونفس السؤال كان قد وجهه البرلماني عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، إلى عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، مطالبا أياه بفتح تحقيق في اختلالات بوحدة لإنتاج الحليب كانت تعرض صحة المستهلك للخطر، جراء الإهمال الذي طال مختلف أطوار العملية، ابتداء من استقبال الحليب وتصنيعه وتخزينه، إلى توزيع منتجاته والغش في الوزن.
ونبه بعزيز في مراسلته، على الوضعية الخطيرة التي كشف عنها تقرير أعده السنة الماضية أحد الأطر المستخدمة بالوحدة وتوصل به عامل إقليم جرسيف ومصالح الفلاحة، إلا أنه لم يتم فتح أي تحقيق في ذلك، مما اضطر مُعد التقرير إلى مغادرة الوحدة.
وكَشَفَ التقرير سلوكات خطيرة كانت تمارس بهذه الوحدة قبل توقفها منذ أشهر، ومن بينها أن كيس حليب جرسيف وزنه حسب الغلاف 500 غرام، لكن في الواقع 410 غرام فقط.
كما أن أكياس الحليب يتم رميها في أمكنة غير صحية، بالإضافة إلى إنتاج اللبن في فصل الشتاء رغم أنه قليل الاستهلاك وعدم إنتاج الحليب لكون العلب المخصصة له غير متوفرة
و بعد مطالبات ومراسلات عدة للتدخل من أجل إنقاذ هذه الوحدة، كشف عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية سابقا، أن هذا المشروع “واجهته مباشرة بعد القيام بدورات الإنتاج والتسويق مجموعة من الصعوبات على مستوى التسيير الإداري”.
وأكد لفتيت في جواب على سؤال كتابي للنائب البرلماني السباق ذكره، أن أهم الصعوبات التي واجهت هذه الوحدة تتمثّل في “عدم انسجام المكتب المسير، وغياب التواصل بين أعضائه، إلى جانب امتناع الرئيس السابق للوحدة عن استكمال إجراءات استقالته بتقديم الوثائق والمعطيات الإدارية والمالية لدى الجهات المختصة”.
وأشار جواب وزير الداخلية إلى أن هذه الوحدة واجهت أيضاً “صعوبات مالية في غياب عنصر التضامن لدى أعضاء الوحدة، وعدم التزام جميع التعاونيات المنضوية تحت لواء المجموعة بتزويد الوحدة بمادة الحليب لأجل خلق القيمة المضافة التي تمكن من تغطية جزء من المصاريف القارة، وعلى الخصوص أداء مستحقات الفلاحين المعنيين”.
ويتعلّق الأمر، وفق الوثيقة ذاتها، باتحاد تعاونيات جمع الحليب المسمى “مجموعة النفع الاقتصادي حليب جرسيف”، الذي تم تأسيسه سنة 2015 من طرف 13 تعاونية في إطار استراتيجية مخطط المغرب الأخضر-الدعامة الثانية-الرامية إلى تطوير الفلاحة التضامنية من خلال تنفيذ مشاريع ملائمة اقتصاديا واجتماعيا لتنمية المناطق الهشة، بتمويل من وزارة الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات وصندوق الجماعات السلالية.
وأفاد لفتيت بأنه في إطار المساعي الحثيثة لاحتواء هذا الوضع، عقدت سلسلة من الاجتماعات المتتالية بحضور جميع المصالح المعنية، همت بالخصوص البحث عن حلول لمعالجة جميع الإشكاليات سالفة الذكر، منها اقتراح عقد جمع عام استثنائي لتعيين رئيس جديد والبحث عن مصادر تمويل جديدة.
وكشف أن لجنة تابعة للمصالح المركزية والجهوية التابعة لوزارة الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات حلت بتاريخ 08 و09 يناير 2023 بمقر الوحدة، حيث عقدت اجتماعات مع أعضاء الوحدة والمدير المكلف بتسييرها، بالإضافة إلى التنسيق مع أحد المستثمرين أبناء المنطقة واقتراح دخوله كشريك بها، كما ألحّت السلطة الإقليمية في آخر اجتماع لها مع جميع المتدخلين بتاريخ 08 فبراير الماضي على أن “إنجاز هذا المشروع جاء لاستهداف فئة الفلاحين الصغار أبناء المنطقة والنهوض بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وأن طريقة تسيير مجموعة ذات النفع الاقتصادي تستوجب الرقي بطريقة التعامل وفق نمط جديد يذيب كل الخلافات والحسابات الضيقة بين رؤساء التعاونيات”.
وتم الاتفاق خلال هذا الاجتماع، وفق جواب وزير الداخلية، على اتخاذ تدابير استعجالية تهم قيام التعاونيات بتنفيذ تعهداتها بتزويد الوحدة بمادة الحليب، وتكثيف المشاورات بين رؤساء التعاونيات والتوافق على انتخاب رئيس جديد وتكوين مكتب منسجم يعمل في إطار قانوني واضح ومحدد، والتنسيق مع مصالح المحكمة المختصة والمؤسسات المالية المعنية لوضع الملف الإداري القانوني لديها، مع مواصلة فتح مشاورات مع مستثمرين آخرين لضمان السيولة المالية.