الرباط-قمر خائف الله
أثارت المبادرة التي أطلقها عدد من المواطنين الممثلين لسكان المرس المركز ودواري تاغيت وإجر غني، ضواحي بولمان، والتي تدعو إلى القطع مع عادة تناول “طعام العزاء” وإلزام المعزين بذلك، جدلا على مواقع التواصل الإجتماعي، وقسمت رواد العالم الإفتراضي بين مؤيد ومعارض.
مبادرة إلغاء “طعام العزاء”، جاءت خلال اجتماع عقدته، يوم الأحد المنصرم، ساكنة المنطقة المذكورة تم توثيقه من خلال محضر نشر على إحدى الصفحات الإلكترونية المحلية لجماعة المرس، والذي أفاد بأن “ثلة من ممثلي ساكنة المرس المركز ودواري تاغيت وإجرغني وأعيانها وفعالياتها التأموا في اجتماع مفتوح لتدارس مسألة مراسم تقديم العزاء وعادات الناس في ذلك؛ بغية ترشيد هذه العادات، وتصحيح ما يتطلب التصحيح منها، وتجاوز ما قد يعتريها من مخالفات”.
وأفادت الوثيقة المعنية، أن “تحمل أو تحميل أهل الميت إطعام من يقدمون العزاء فيه تكاليف لهم – في الغالب- بما لا يطيقون في سياق ظروفهم تلك، وقد تعتريه شبهة أكل أموال اليتامى بالباطل، واعتداء على حقوقهم، رغم ما قد يكتنفه من فوائد من بعض الجوانب”.
ووفق ما أكده المصدر ذاته، اتفق الحاضرون في الاجتماع المذكور على “التزام المعزين بعدم تناول الطعام أثناء العزاء، وإسقاط هذه العادة من مراسم العزاء، رجالا ونساء، تجسيدا لاحترام حقوق المتوفى وأهله، وتقديم واجب العزاء عند الدفن دون العودة إلى منزل المتوفى إلا للضرورة القصوى”.
كما نص الاتفاق المعني، على “التقيد بتقديم واجب العزاء ببيت الميت دون بيوت أهله وأقاربه، وتخصيص الليلة الثالثة من الوفاة لأهل المتوفى وعائلته دون استدعاء عامة الناس، والدعوة إلى احترام بنود هذا الاتفاق بوصفه معبرا عن إرادة الساكنة في هذه المسألة، مع التذكير بما قد يترتب على مخالفتها من مقاطعة اجتماعية من قبل الساكنة”.
إلى جانب هذا دعا المتفقون على قرار إسقاط عادة أكل الطعام أثناء تقديم العزاء باقي الدواوير والفخذات المشكلة لساكنة جماعة المرس إلى الانضمام إلى فحوى الاتفاق المذكور، فضلا عن دعوة “فعاليات المجتمع ووجهائه ومفكريه وعمومه إلى البحث عن آليات للتكافل والمواساة والتواد، تعزز التقاليد والممارسات الفضلى المنسجمة مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف”.
و يأتي هذا القرار من أجل الإسهام في تجديد ثقافة ساكنة المنطقة وترشيد تقاليدها، “بما يجعل منها دعامة للرقي بالمجتمع، وتعزيز أواصر الترابط والتلاحم بين أفراده وفئاته عند السراء والضراء، وعلى هدي من كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين”، مبرزة أن المجتمعين خلصوا إلى هذا الاتفاق “بعد نقاش جاد ومستفيض، أخذ بعين الاعتبار تقاليد المجتمع المرسي وأعرافه وتقاليده في هذا الشأن، والتغيرات التي شهدها في الوقت الراهن”. تضيف الوثيقة.
على خلفية هذا القرار، أبدت شريحة واسعة من نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، تأييدها لحملة التخلي عن عادة تناول وجبة الطعام التي تعدها أسر فقدت أحد أفرادها، للأشخاص الذين يتوافدون على منازلها من أجل المواساة والعزاء.
واعتبر مؤيدون أنه من غير المقبول أخلاقيا المكوث بمنازل العزاء إلى حين تناول وجبة الغذاء أو العشاء التي تتكون في الغالب من الكسكس بالدجاج أو اللحم الأحمر، معتبرين أن السلوك المنطقي في مثل هاته المناسبات الحزينة هو مواساة العائلة والانصراف مباشرة بعد ذلك، حتى وإن أصر بعض أفراد العائلة على بقاء المعزين بالمنزل إلى حين تناول “الصدقة”، ترحما على الفقيد أو الفقيدة.
وبالرغم من أن هذه المبادرة عرفت تأييدا كبيرا ودعم من قبل رافضي فكرة إطعام العزاء عند أهل الميت، إلا أنها لقيت رفضا كبيراً عند فئة أخرى، كونها صدقة جارية على روح الميت، وإلغائها أمر غير نافع، لا سيما وأن مجموعة من العزاء يأتون من مسافة بعيدة والذين يحتاجون إلى ما يسدون به جوعهم.