وجدة-إدريس العولة
لأول مرة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، يتم إصدار قوانين يتم بموجبها منع وحظر التظاهر والاحتجاج بالشوارع العامة لدعم القضية الفسلطينية، ولم يقف الأمر عند حد منع التظاهر بالشوارع العامة فحسب، بل أصبح المتظاهرون مهددين بالسجن حيث تصل المدة السجنية إلى 6 أشهر وغرامة مالية قدرها 7500 يورو أي ما يفوق 7 ملايين سنتيم مغربية.
قرار خلف ردود أفعال قوية لدى الرأي العام الدولي، وخاصة أنه صدر من طرف دولة تعتبر نفسها من أعرق وأعتد الدول الديموقراطية في أوربا بل في العالم كله، وهو ما يتنافى أصلا مع مبادىء وقيم الثورة الفرنسية التي أودت بحياة آلاف الفرنسيين، من أجل بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان في شموليتها الكونية بما في ذلك الحق في التظاهر والاحتجاج، إذ لم يكن أي أحد يتوقع أن تصدر الدولة الفرنسية قرارا مثل هذا، ما يعني أن الدولة الفرنسية تعيش ردة حقوقية واضحة وخاصة في ظل الرئيس الفرنسي ” إيمانويل ماكرون” الذي شهدت فيه الجمهورية الفرنسية تراجعا كبيرا على جميع المستويات وشتى الأصعدة، حيث فقدت هيبتها وتواجدها في القارة الإفريقية، وأصبحت دولة غير مرغوب فيها لدى للعديد من الدول التي كانت إلى وقت سابق حليفا استراتيجا على جميع المستويات، الاقتصادية، السياسية، والعسكرية وغيرها من المجالات الأخرى.
وفي هذا الصدد، وفي خطوة غير مسبوقة، وجهت وزارة العدل الفرنسية مذكرة وزارية إلى كل المحاكم الفرنسية تعلن فيها إن “البيانات التي تدعو إلى الحكم إيجابيا في حق جريمة توصف بأنها إرهابية “التظاهر لصالح الفلسطينيين”، حتى لو كانت في سياق مناقشة ذات مصلحة عامة أو تدعي المشاركة في خطاب ذي طابع سياسي، تشكل دعما للإرهاب”.
ووفق المذكرة الصادرة عن وزارة العدل الفرنسية تعتبر حركة حماس “منظمة إرهابية” وأن أي تضامن مع هذه المنظمة من شأنه أن ينمي الجرائم المعادية للسامية، الأمر الذي سيؤدي إلى تهديد السلامة الجسدية للجالية اليهودية المتواجدة بفرنسا.
ولم يقف قرار وزارة العدل، عند حد حظر التظاهر لدعم القضية الفلسطينية، باعتباره إساءة لأسس الجمهورية الفرنسية، بل تعداها إلى إقرار متابعة قضائية في حق أي شخص قام بأفعال متبوعة بكلمات أو كتابات أو صور أو أشياء أخرى تسيء إلى شرف الضحايا.
ومن جهة أخرى، عرفت مجموعة من دول المعمور وقفات احتجاجية، وتظاهرات شعبية تضامنا مع القضية الفسلطينية، بما فيها الدول التي أعلنت حكوماتها عن دعم ومساندة إسرائيل ماليا ولوجيستيكيا، دون أن تتلقى هذه المظاهرات أي منع أو تدخل أمني لتفريقها.