الدار البيضاء-متابعة
أضحت مشاركة الحياة اليومية والأنشطة المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا للشهرة والربح السريع بالنسبة للعديد من الأشخاص. هؤلاء الأفراد يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي لجذب المتابعين وتحقيق شهرة شخصية، وفي بعض الأحيان يصلون إلى استغلال حساباتهم الأسرية من أجل جذب مزيد من المتابعين وزيادة شعبيتهم. وهنا تظهر المخاوف حول كيفية تنظيم ورصد هذا النشاط والحماية من تأثيره على حقوق الأطفال على هذه المنصات.
من الملفت للنظر أن تصوير مقاطع فيديو للأطفال ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح “موضة” شديدة الانتشار بين الباحثين عن الشهرة والربح السريع. يتساءل البعض عن كيفية تنظيم هذا النشاط وتطبيق قوانين وأنظمة لحماية حقوق الطفل على هذه المنصات.
لم يكن الأمر يتعلق بالشهرة فقط، بل يتعداه إلى تأثيرات نفسية واجتماعية قد تكون ضارة بالأطفال. يمكن أن يتسبب هذا النشاط في تداخل مراحل نمو الطفل وتأثيرها على نفسيته بطرق غير مؤثرة إيجاباً، إذا تم استغلال أطفال صغار في سبيل تحقيق أهداف أخرى. يعني هذا أن الأطفال قد يضطرون إلى التعامل مع مفاهيم مثل الشهرة والربح في مراحل حياتهم التي لم تعتاد على التعامل معها بعد.
يشير الخبراء إلى أن الأطفال غالباً ليسوا مجهزين للتعامل مع آثار الشهرة والأضواء، وهم قد يأخذون قرارات قد تكون غير مناسبة لعمرهم. يمكن أن تؤدي هذه الظروف إلى فقدان الأطفال لحريتهم وتعليمهم التصنع في سلوكهم وتفاعلهم مع الآخرين، ويمكن أن يؤدي إلى فقدانهم للطبيعة الفطرية.
وفي دارسة أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية، ربطت بين «تيك توك» وإصابة الأطفال بمرض الفُصام، وذلك بعد تزايد طلبات إحالة طلاب من المدارس في الولايات المتحدة إلى الأطباء النفسيين وتشخيص حالتهم باضطراب الشخصية.
وأوضحت الدراسة أن التطبيق مملوء بالأخطار الناجمة عن محاولات التأثير في عقول الأطفال والمراهقين، وكذلك إصابتهم باضطرابات انفعالية وسلوكية، خاصة مع موجة التحديات الخطيرة.
وجاء نشر الدراسة بعدما ضجت وسائل الإعلام الأمريكية بخبر وفاة مراهق بعد ساعات قليلة من مشاركته في «تحدٍّ» على «تيك توك»، يتضمن أكل شريحة من أحد منتجات رقائق البطاطس التي تحتوي على الفلفل الحار؛ ما تسبب في مشكلات كبيرة بمعدة كثير من الأطفال ذوي المعدة الحساسة، بعد مشاركتهم في التحدي، حسبما أوردت شبكة «FOX 26 Houston» الأمريكية.
تجيب دراسة أجرتها جامعة كارديف في بريطانيا عام 2020م، بأن استغلال الأطفال للتربح من «تيك توك» يمثل خطراً كبيراً على صحتهم وسلامتهم النفسية والسلوكية، ويسبب لهم ضغوطاً نفسية وعقدة نقص وانعزالاً اجتماعياً وانحرافاً سلوكياً.
وتبين الدراسة أن 40% من مشاهير «تيك توك» دون سن 16 عاماً يتعرضون لانتقادات لاذعة وإساءات مستمرة من قبل المتابعين؛ ما يؤثر سلباً على ثقتهم بأنفسهم وصورتهم لذواتهم.
كما أن هؤلاء الأطفال يشعرون بضغط كبير لإنتاج محتوى جديد وجذاب بشكل مستمر، ما يحول دون تفرغهم لدراساتهم وأنشطتهم الترفيهية.
وإضافة لذلك، فإن استغلال الأطفال للتربح من «تيك توك» يجعلهم يخسرون روح الطفولة والبراءة، ويصبحون أكثر تعرضاً للإغراءات والانحرافات التي قد تقودهم إلى المخدرات أو الجرائم أو التطرف.
تشير الدراسة إلى أن التطبيق يحمل مخاطر تأثير الأطفال والمراهقين بشكل سلبي، حيث يتعرضون لضغوط نفسية وانفعالية ناتجة عن تحديات مثل هذه، وقد يكون لهذا تأثير خطير على صحتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر هذا النشاط على العواطف والصحة العقلية للأطفال. يحاولون بشدة إظهار صورة مثالية لأنفسهم على وسائل التواصل
والأطفال يحتاجون بيئة سليمة في مرحلتهم العمرية “فالأطفال هم الأطفال، يحتاجون نموا سليما في وسط صحي، اجتماعي، أسري أو في مؤسسات الرعاية الاجتماعية حسب شروط التنشئة الاجتماعية الصحيحة التي أوصى بها علماء النفس وعلماء الاجتماع وكذلك علماء التربية”
وقد ورد ضمن المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل “تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني عليه، أو أي شخص آخر يتعهد برعايته”.