الرباط-أسامة بلفقير
على وقع غموض تنظيمي، ينطلق اليوم المؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة دون معرفة مسبقة بالمرشحين الذين سيتقدمون لخوض سباق الوصول إلى الأمانة العامة، رغم وجود عدد من الأسماء البارزة المطروحة على ساحة النقاش، أولها فاطمة الزهراء المنصوري ومحمد المهدي بنسعيد، دون أن ننسى عبد اللطيف وهبي الذي يسعى إلى ولاية جديدة.
قبل يومين فقط من انطلاق المؤتمر، أصدرت فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب، نداءً صنفه البعض ضمن دائرة “النقد الذاتي” لما جرى في المرحلة السابقة، داعية من خلاله إلى ما وصفته بـ”تجديد النخب” خلال المؤتمر، و”النأيّ بالحزب عن الشبهات”، خصوصاً بعد الزلزال التنظيمي والسياسي الذي ضرب “البام” في الشهور الأخيرة بسبب اعتقال قياديين بارزين في الحزب (الناصيري وبعيوي) على خلفية ملف ما بات يعرف بـ”إيسكوبار الصحراء” المرتبط بالاتجار الدولي في المخدرات.
تقول المنصوري إنه “أمام مشهد سياسي متشتت، بفعل قضايا مالية وصدمات سياسية من حق المغربيات والمغاربة أن يطالبوا بشفافية أكثر، بنزاهة أكثر، وكفاءة أكثر.. أمام التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يواجهها وطننا حان الوقت لنجدد أنفسنا، لنجدد نخبنا، ونثق في أجيال جديدة، وطموحة لمستقبل أفضل.. أمام النداءات المتواصلة لصاحب الجلالة، من أجل تخليق الحياة السياسية، وجب أن تكون لنا الشجاعة لنحاسب أنفسنا ونعيد التفكير في تنظيماتنا الحزبية، لنكون أكثر استعدادا لاستحقاقاتنا ومواعيدنا الديمقراطية”.
هل هو نقد ذاتي أم اعتذار عن سنوات “خطيئة النشأة”، أم مجرد مناورة سياسية لاستمالة المتعاطفين؟ عمليا وبحكم الواقع السياسي والحزب، يبدو واضحا أن “البام” قد عانى كثيرا من تبعات مرحلة ما بعد التأسيس والخروج عن “السكة”، أو كما قال فؤاد عالي الهمة ذات يوم بأن المشروع السياسي، الذي على أساسه تم بناء الحزب، قد تعرض لانحرافات كثيرة.
والواقع أن “البام” عانى من “خطيئة الولادة” رغم أن أحزاب عدة اجتمعت لديها ملابسات وسياقات مختلفة قادت إلى ولادتها..لكن مشكلة الولادة خلقت لدى “المولود الجديد” أو كما سماه البعض بـ”الوافد الجديد” وهم “الحزب القوي” أو “حزب الدولة” فسار يستقوي على باقي الأحزاب، بينما تاريخ الدولة وعلاقتها بالأحزاب مختلف تماما عن هذا المنطق..فلم تؤمن الدولة يوما بالحزب الواحد، ولا سعت إلى الانتصار على هذا الطرف أو ذاك..هي فقط توازنات مرحلية قد تدفع بهذا إلى الحكومة وذاك إلى المعارضة.
لذلك، تبدو قيادة “البام”، ومن خلال الإشارات الواردة في نداء المنصوري، واعية بثقل المرحلة السابقة وما قبل المؤتمر الوطني أيضا..وهو أمر بات الحزب مطالبا بالحسم معه قبل الوصول إلى محطة الانتخابات المقبلة لسنة 2026..فـ”الجرار” لن يقبل بأقل من تصدر الانتخابات ورئاسة الحكومة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون تنظيف البيت الداخلي.
لكن ثمة أمور غير واضحة تماما في مخاض ولادة القيادة الجديدة. فلا وهبي ولا المنصوري ولا بنسعيد قدموا ترشيحاتهم إلى الأمانة العامة. ألن يفعلوا؟ إلى حد الآن يبدو الوضع غامضا، ولذلك تم الدفع بفكرة القيادة الجماعية رغم أن هذا “القالب التنظيمي” قد يخل الحزب في أزمة حقيقية مادام أن القرار سيخضع للقرار الجماعي للقيادة الجديدة، بدل وجود أمين عام بصلاحيات واضحة يقود الحزب ويعود إلى الأجهزة من أجل الفصل واتخاذ القرار.