الرباط-متابعة
تجسد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب، والتي توجت باستقباله من طرف الملك محمد السادس، حجم التطور الذي شهدته العلاقات بين البلدين، والتي وصلت إلى مستوى من النضج والمتانة تعكسها مختلف أوجه التعاون على مختلف الأصعدة.
لقد جاءت هذه الزيارة في سياق يؤكد على استمرارية الدينامية التي انطلقت منذ زيارته السابقة للمملكة في أبريل 2022. وهي الخطوة التي بعثت آنذاك قوة جديدة في العلاقات بين البلدين، تعززت من دون شك بالزيارات المتتالية الأخيرة لمجموعة من أعضاء الحكومة الإسبانية، مما يوطد الشراكة الاستراتيجية طويلة المدى بين البلدين والتي تتجاوز كافة الظروف الطارئة.
والواقع أن هذه العلاقات تستند إلى أسس متينة سواء على مستوى الرسمي من خلال العلاقات الدبلوماسية والحكومية، أو العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والأكاديمية والشعبية وغيرها، بما يؤكد أن العلاقات بين إسبانيا والمغرب تستند إلى مرجعية حسن الجوار والمصير المشترك الذي يستوجب رفع مختلف التحديات بشكل جماعي.
ويكتسي الموقف الإسباني البناء بشأن قضية الصحراء المغربية، والذي تعتبر من خلاله إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع، أهمية مزدوجة، فهو يشهد من جهة على الدينامية الدولية في البحث عن حل نهائي ودائم لهذا الصراع المفتعل، وينبع من جهة أخرى من طرف قريب من القضية ومدرك لحساسيته.
هذا الموقف الإيجابي الذي يأتي كمؤشر جديد على نجاعة الرؤية الملكية المتبصرة، التي تفرض من منطلقهاالمملكة المغربية رؤيتها وتدافع عن مصالحها المشروعة، مما يعزز الاعتراف الدولي بوحدتها الترابية، ويتصدى لمساعي أعدائها.
أما من الجانب الاقتصادي، فستعزز هذه الزيارة الشراكة التجارية بين البلدين، بما يضع إسبانيا في مرتبة الشريك التجاري الأول للمغرب، بحجم مبادلات وصل إلى 17.4 مليار أورو عام 2023، بزيادة 7% مقارنة بعام 2022. وهو النمو الذي يسلط الضوء على الدور البارز للمملكة المغربية باعتبارها الوجهة الرئيسية الاستثمارات الإسبانية المباشرةالموجهة نحو القارة الإفريقية.
وفي هذا السياق، ستتعزز حتما مكانة إسبانيا في أفريقيا، بالنظر إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك محمد السادس للقضايا الإقليمية، ولا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تمثل مجالات رئيسية في العلاقة بين المملكتين، ولا سيما من خلال المشاريع الكبرى مثل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.