الرباط-عماد مجدوبي
رحبت عدد العواصم الكبرى في العالم بخطوة المملكة المغربية بإدخال المساعدات برا إلى إسرائيل، وتوجيه شحنات مهمة منها إلى القدس، في عملية غير مسبوقة عبر معبر كرم أبو السالم البري، ما يعكس حيويا للمملكة في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني.
وأشادت فرنسا بإدخال المغرب مساعدات غذائية برا إلى فلسطين، وفق ما أكده كريستوف لوموان، نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، الخميس.
وردا على سؤال صحافي حول إدخال المغرب كأول دولة في العالم مساعدات غذائية إلى الفلسطينيين عبر البر، وما إن كانت فرنسا ستتخذ الخطوة نفسها، قال لوموان إن “الخطوة المغربية هي خبر جيد للغاية”.
من جانبه أكد سفير الولايات المتحدة في الرباط، بونيت تالوار، في تصريح حصري لقناة “ميدي 1 تيفي”، أن بلاده تشيد بريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في هذه الظرفية الصعبة، وذلك في إطار الجهود الإنسانية الحيوية لفائدة سكان غزة.
وقال الدبلوماسي الأمريكي “إن الولايات المتحدة تشيد بريادة الملك محمد السادس في إطار الجهود الإنسانية الموجهة إلى غزة، خاصة خلال شهر رمضان المبارك”، مذكرا بأن “كاتب الدولة، أنتوني بلينكن، كان قد أبرز، يوم الثلاثاء، المساعدة الإنسانية التي أرسلها المغرب (لفائدة سكان غزة)”.
ثوابت مغربية
تعكس هذه العملية التي قام بها المغرب لفائدة الشعب الفلسطيني ثوابته في السياسة الخارجية. ذلك أن القضية الفلسطينية تحتل مرتبة لا تقل أهمية عن قضية الصحراء المغربية، وهو ما يجعل الرباط بقيادة الملك محمد السادس تبذل كل الجهود وتستغل مختلف المواقع الدبلوماسية لفائدة الشعب الفلسطيني.
أيضا، وجب التذكير بأن علاقة المغرب بفلسطين تتجاوز علاقات الدول إلى علاقات وجدانية وروحية يعكسها حرص الملوك العلويين على خدمة أهل فلسطين والقدس الشريف. وهكذا فإلى جانب المساعدة المؤسساتية التي تقرر تقديمها على الخصوص عبر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تفضل الملك بالتكفل، من ماله الخاص، بجزء كبير من المساعدة المقدمة، لا سيما تلك الموجهة للرضع والأطفال الصغار، وهذا يعكس في واقع الأمر انخراطا ملكيا بشكل شخصي في مبادرة تضامنية رفيعة تتجاوز حدود السياسة والدبلوماسية.
والواقع، أن المملكة اليوم تشتغل على مختلف الأصعدة من أجل فلسطين. فالدور الذي تقوم به لجنة القدس، والتي تتأتى تمويلاتها بشكل أساسي من المغرب، أصبح جزء حيويا من آليات نصرة القدس والمقدسيين.
وفي هذا السياق، تم الإشراف على توزيع 2000 قفة رمضانية لفائدة 2000 عائلة من العائلات المُحتاجة، تضم 22 صنفا من المواد الغذائية الأساسية، من بينها أصناف خاصة بالأطفال، وأخرى تهم الأفراد الذين يخضعون لحمية غذائية معينة.
كما تضم هذه المساعدات 1000 حصة غذائية يومية، بما يكفل للأفراد المستفيدين من المسجلين على قوائم الجمعيات الشريكة، والمقيمين بالمراكز الاستشفائية ودور الإيواء، تأمين جزء كبير من حاجياتهم الغذائية، طيلة شهر رمضان المبارك
أكبر من “تطبيع”
إذا كان الكثير من المتربصين قد هاجموا المملكة على خلفية قرار استئناف العلاقات مع إسرائيل، فإن المبادرة التي قام بها المغرب تكفي وحدها لتؤكد أن المملكة نجحت فعلا في تحقيق اختراق نوعي عبر هذه العلاقات.
فالمغرب يتعامل ببراغماتية واضحة في علاقاته مع إسرائيل، وهذا واضح جدا منذ اليوم الأول، حين تم التأكيد على الاستفادة من هذه العلاقات لخدمة القضية الفلسطينية. والحقيقة أن سماح إسرائيل بمرور هذه المساعدات يعكس ثقة في تعامل المملكة مع هذا الملف..فالرباط في نهاية المطاف لا تريد إلا أن تصل المساعدات إلى أهلها وأن يتم إنقاذ أرواح من يموتون جوعا.
إن هذه السياسة، في واقع الأمر، تجعل الرباط تتوفق على بعض الدول التي حولت القضية الفلسطينية إلى شعارات رنانة بينما لا تقدم في واقع الأمر شيئا يذكر لهذه القضية، في وقت أصبح المغرب رائدا ومرجعا في نصرة أهل فلسطين من خلال تجربة وكالة بيت مال القدس الشريف التي تلعب دورا استراتيجيا.